| |
أما بعد اطلبوا الصناعة في الصين(1-2) عبد الله بن عبد العزيز المعيلي
|
|
اطلبوا العلم ولو في الصين مقولة قديمة، والصين أمة ذات حضارة وشأن في مختلف العلوم والفنون، والصين اليوم غير الصين بالأمس، إنها اليوم أمة حيَّة تنافس وبقوة في مختلف المجالات، فلم تعد الصين شيوعية كئيبة، فقد فصلت بين الشيوعية في السياسة، والشيوعية في الاقتصاد، تمسكت بالأولى، وأطلقت العنان للاقتصاد الحر وبشهية شرهة جداً، وحققت ما يمكن وصفه بالمعجزات، لقد تبيَّن هذا في معرض (جوانجزو) تلك المدينة التي تقع جنوب الصين، وتبعد عن (هونج كونج) حوالي أربعين دقيقة بالطائرة، كل شيء في هذه المدينة يلفت الأنظار ويشد الانتباه، إنها مدينة تنبض بالحياة والحيوية والنشاط، معرض (جوانجزو) يعد معلماً حضارياً باهراً في سعته وجمال تصميمه، يأتي إليه أرباب العمل من بلاد الدنيا قاطبة، ليطلعوا على منتجات الصين المتطورة المتجددة. لقد تبيَّن أن الصين تنتج وبدرجة عالية جداً من الكفاءة والجودة والمتانة، كما تنتج في الوقت نفسه بدرجة أقل، كل ذلك حسب الطلب، ولكل قيمته، والمتواتر لديهم أن السعوديين يبحثون عن المنتج الأقل كفاءة وجودة، لأن سعره أقل ويحقق عائداً مالياً أكبر، وكل هذا على حساب المستهلك أولاً، والاقتصاد الوطني ثانياً، ولهذا نتمنى على مصلحة الجمارك أن تفرق بين مستورد للاستخدام الشخصي - أياً كانت صفته - وبين من يستورد ليبيع للناس، فالأول يفترض أن يعفى من الجمارك - أو تقلّل نسبتها عليه - لأنه استورد كميات قليلة حرص على انتقائها وجودتها، بينما المستورد للتجارة يجب أن يدقق عليه بالفحص الدقيق ومطالبته بمطابقة المواصفات ذات الجودة العالية، من أجل حماية المواطن والمنتج الوطني من دافعية الثراء لديه باستيراده للمنتج الأقل كفاءة وجودة. لقد حققت الصين نمواً اقتصادياً كبيراً، وفي زمن قصير جداً، إذ يبلغ معدل نموها السنوي حوالي 9% هذه الأمة التي كانت بالأمس القريب تتحرك على الدراجات الراجلة، فالدراجات النارية، فالسيارات، وخلال مدة لم تتجاوز العشرين عاماً، إنها أمة عرفت المدخل الصحيح للنمو والتقدّم فاختارت الصناعة عنواناً للتحدي، وكان لها ما أرادت، لأنها عرفت الطريق ومن يقود دفته، لقد استثمرت الصين في الإنسان وذلّلت الصعاب أمامه، وها هي تشد أنظار العالم وتستقطبه إليها، وقريباً سوف تقف صامدة متحدية أقدم القوى وأقدرها بكل ثقة وتصميم. إن تجربة الصين في التحول الصناعي والنمو الاقتصادي تستحق وقفة جادة لمعرفة مكامن نجاحها وتفوقها وقدرتها على تأهيل الإنسان واستثماره بما جعلها أمام دول العالم عنوان نجاح.
ab.moa@hotmail.com |
|
|
| |
|