Al Jazirah NewsPaper Monday  18/12/2006G Issue 12499مقـالاتالأثنين 27 ذو القعدة 1427 هـ  18 ديسمبر2006 م   العدد  12499
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

ملحق دخنة

دوليات

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

الأخيــرة

جيمي كارتر يصرخ:
فلسطين... سلام لا فصل عنصريّ
ندى الفايز *

الرئيس الأسبق جيمي كارتر الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي شغل منصب الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة بين 1977 و1981م، والذي أسس مع قرينته روزالين (مركز كارتر للسلام) بعد أن ترك رئاسة الولايات المتحدة، وما زال شغوفاً بالكتابة والتأليف حيث له عدة مؤلفات من أبرزها: (قبل الفجر بساعة)، وكتاب (القيم الأمريكية تتعرض للخطر)، أما الكتاب الذي نعرضه اليوم وقام مؤخراً بتأليفه وجاء تحت عنوان Palestine Peace not Apertheid (فلسطين: سلام لا آبارتيد)، والبعض قام بتعريب عنوان الكتاب إلى (فلسطين: سلام لا فصل عنصري) والكتاب صدر في ديسمبر عام 2006 عن دار النشر: Schuster AND Simon سايمون أند شوستر في 264 صفحة يتكون من 16 فصلاً بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة وخرائط وملاحق تحتوي على نص اتفاقية كامب ديفيد وقرارات الأمم المتحدة ومسودة المبادرة العربية للسلام بالإضافة إلى العديد من الخرائط التي توضح تطور الصراع العربي - الإسرائيلي منذ قرار الأمم المتحدة عام 1947م بتقسيم فلسطين وإلى الآن، الكتاب الذي أثار جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة خاصة أنه صادر من شخصية بعمق وثقل الرئيس كارتر حتى أن برنامج لاري كينغ لايف Larry King Live قام بإجراء مقابلة في محطة ال(سي إن إن) الشهيرة مع الرئيس كارتر على خلفيات الضجة الإعلامية الهائلة التي أحدثها الكتاب خاصة أنه يشير بجرأة غير معهودة إلى أن إسرائيل هي المسؤولة عن فشل عملية السلام ووجّه انتقادات حادة في الفصل السادس عشر من الكتاب للكيان الإسرائيلي أثار بها حفيظة المنظمات اليهودية.
هذه ومن خلال قراءتي للكتاب ومن وجهة نظر شخصية حول تاريخ الرئيس كارتر بصورة عامة ليس مبالغاً القول إنه أي جيمي كارتر حاول إقناع الأمريكيين والإسرائيليين بالسلام أثناء فترة رئاسته، بخلاف الرئيس الأسبق رونالد ريغان (الذي كان يعمل في السينما والتمثيل قبل أن يرأس الولايات المتحدة) الذي نجح في الترويج والتسويق عن أساطير الجيش الأمريكي ودفع صناعة السينما إلى إنتاج أفلام ومسلسلات بتلك الفترة أرضت غرور وطموحات المواطن الأمريكي وجعلته يصدق أفلام هولويدا التي روجت لشخصية الجيش الأمريكي بصورة خيالية مثل: (جندي وجنتلمان) و(رامبو) وغيرهما، بالوقت الذي كانت الولايات المتحدة وجيشها فعلياً يجرّون خيبة الفشل والهزيمة في حرب فيتنام التي أضرت فعلياً بصورة الجيش الأمريكي كثيراً كما أضرت أحداث العراق بذلك أيضاً خاصة أنه معروف رفض أبناء النخب السياسية الاقتصادية والثقافية بالولايات المتحدة إرسال أبنائها للالتحاق بالجيش؛ الأمر الذي جعل الجيش الأمريكي جيشاً غير وطني حيث تشكل الأقليات 42% من تركيبته، كما بلغت نسبة الجنود الذين حصلوا على تعليم جامعي 6.5% من الجيش الأمريكي، ومع ذلك ما زال العديد من الأمريكيين وغيرهم يصدقون أسطورة التفوق البشري والعسكري للولايات المتحدة التي وإن كانت تملك التقنية لكن أفرادها لا يملكون العقيدة القتالية والوطنية الكافية حسب غالبية الدراسات والاستطلاعات التي نفذت.
هذا وعودة إلى موضوع كتاب الرئيس كارتر الجديد عن فلسطين والذي يحمل عنوانه وغلافه إدانة صريحة للأساليب التي يتبعها الإسرائيليون بهدف عزل الفلسطينيين خاصة بعد الشروع في بناء الجدار العازل في الأراضي المحتلة وسياسة التمييز العنصري ضدهم الأمر الذي يمكن استنباطه عند مجرد وقوع العينين على غلاف صورة الكتاب الذي يظهر صورة كارتر متألماً حزيناً ويحدق النظر في المتظاهرين الفلسطينيين ضد الجدار العازل ممن حملوا لوحات كبيرة كتب عليها كلمة (تعايش) بعدة لغات منها: العربية والعبرية والإنجليزية، أما الإهداء بالصفحة الأولى بالكتاب فقد أهداها كارتر إلى أول أحفاده، وهو (هنري لويس كارتر) كاتباً له: مع الآمال أن يرى السلام والعدل في الأرض المقدسة.
الأمر الذي يجعل القارئ أياً كانت خلفياته يسأل عند قراءة أول سطر بالكتاب هل سيرى فعلاً هنري ابن لويس ابن كارتر السلام الذي كان وما زال هاجس جده كارتر؟!
أما مقدمة الكتاب فتتمثل في تسلسل تاريخي للأحداث الكبرى التي شهدتها الأراضي المقدسة منذ انتقال إبراهيم عليه السلام من العراق إلى أرض كنعان (فلسطين) وحتى تطورات الصراع العربي - الإسرائيلي. أما أول خمسة فصول فقد تناولت خبرة وذكريات شخصية للرئيس كارتر مع الصراع العربي - الإسرائيلي وعملية السلام، بدءاً من تفاصيل أول زيارة قام بها لإسرائيل عام 1973م وذلك قبل أن يصبح رئيساً، موضحاً أن تلك الزيارة كشفت له مبكراً عن حقيقة لم يكن يعرفها من قبل حول الحياة بداخل إسرائيل وحقيقة معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج. بعدها تحدث عن فترة رئاسته وكيف حاول خلالها تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط موضحاً تأثير حرب أكتوبر 1973م على تغيير موقف إسرائيل المستندة وقتها إلى القوة والتفوق العسكري، كما كشف النقاب بالتفصيل عن كل الاتصالات المكثفة مع من أسماهم اللاعبين الأساسيين في الصراع العربي - الإسرائيلي خاصة مناحم بيغن وأنور السادات، وتطرق كذلك إلى تفاصيل فشل الجهود الرامية إلى إقناع سوريا والأردن ومنظمة التحرير بالتفاوض مع الإسرائيليين. تجدر الإشارة إلى أن الرئيس كارتر قد أسهب بوصف دقيق ومفصل حول الرؤساء والزعماء الذين تقابل معهم بتلك الفترة ومن أبرز ما قال عنهم:
- الرئيس المصري الراحل أنور السادات: وصفه بأنه من أقرب أصدقائه ويتسم بالجرأة وسرعة اتخاذ القرارات الصعبة.
- الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد: يوضح كارتر أنه جعل الأسد أحد أصعب أهدافه بعد أن أصبح رئيساً للولايات المتحدة حيث حاول إقناعه بتغيير سياساته والتعاون من أجل تحقيق السلام، وطلب من وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر إعطاء رأيه في الأسد، الذي اتفق على وصفه بالذكاء الحاد والفصاحة والصراحة في مناقشة القضايا.
- الملك حسين ملك الأردن الراحل: أوضح أنه كان يتمتع بقوة شخصية وتأثير أكبر مما تسمح به مملكته الصغيرة والضعيفة التي يحكمها.
- الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات: نقل بعضاً من أقواله في الاجتماعات التي جمعتهما معاً.
- رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بيغن: وصفه بأنه صعب المراس ومتحفظ للغاية وبالغ الحرص حتى في اختياره الكلمات والمصطلحات التي كان يستخدمها في الحوارات الشخصية والمفاوضات الرسمية.
أما في الفصول الأخرى فقد تناول الرئيس كارتر فيها بالتفصيل فشل جهود السلام بصفة عامة، مشيراً إلى العائقين الرئيسيين أمام إقامة سلام حقيقي ودائم بمنطقة الشرق الأوسط عند الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهما:
- أن بعض الفلسطينيين يشجعون العمليات الانتحارية ويعتبرون منفذيها شهداء.
- أن بعض الإسرائيليين يعتقدون أن لديهم الحق في احتلال الأراضي الفلسطينية.
وطبقاً لوجهة نظر كارتر تنشأ عندها دائرة مفرغة إضافة إلى ذلك القمع الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين من وجهة، ورفض الجماعات المسلحة الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل من جهة أخرى، وموضحاً بنفس الوقت أن أفضل العروض التي قدمت للفلسطينيين كانت من الرئيس الأمريكي كلينتون وليس من رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك وتنص على انسحاب 20% من المستوطنين، كاشفاً النقاب بنفس الوقت أن معظم الأنظمة العربية سلمت بوجود إسرائيل كواقع غير قابل للنزاع، وتوقفوا عن المطالبة بزوال إسرائيل ودعوا في القمة العربية عام 2002م إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل بحدودها المعترف بها دولياً وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. أما عن الدور الأمريكي فلقد شدد على أن تكون الولايات المتحدة شريكاً للطرفين وليست حكماً لطرف واحد ضد الطرف الآخر، كما يطالب كارتر بأن تتوقف أمريكا عن التساهل إزاء سياسات المصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية التي تؤدي بدورها إلى تصاعد الإرهاب العالمي الموجه ضد الولايات المتحدة، كما يحدد كارتر كذلك ثلاثة أسس واضحة لاستئناف المفاوضات المستقبلية:
- أن يعيش الفلسطينيون في سلام وكرامة في أراضيهم وفقاً لما نص عليه القانون الدولي وأن تكون التعديلات المقترحة في التسوية السلمية بناء على التفاوض بشكل إيجابي مع إسرائيل.
- أن تتفق الأطراف على أن قتل المواطنين العزل من السلاح في إسرائيل وفلسطين ولبنان سواء عن طريق القنابل أو الهجمات الصاروخية والاغتيالات أو أية أعمال عنف أخرى هي أمور لا يمكن السكوت أو التسامح عنها.
- أن يقبل الفلسطينيون والدول المجاورة بحق إسرائيل في الوجود وأن تعيش في سلام ضمن حدود معترف بها.
أما في الفصل الأخير وهو الفصل السابع عشر الأكثر جرأة وجدلاً ويعكس حقيقة عنوان وصورة غلاف الكتاب (سلام لا فصل عنصري) فلقد أوضح كارتر فيه بقوة شديدة يحسد عليها ما ينص على أن: الجدار الإسرائيلي يعد نظام فصل عنصري يترتب عليه وجود شعبين في نفس الأرض منفصلين بعضهما عن بعض تماماً نتيجة غياب الجهود الدبلوماسية موضحاً ومفرقاً بنفس الوقت بين الدوافع العرقية التي أسهمت في ظهور نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في الماضي وبين الجدار الإسرائيلي الحالي الذي يرجع إلى رغبة اليهود في الاستيلاء على الأرض، واصفاً ذلك بالصبغة العنصرية التي توفر للسكان اليهود سهولة التحرك والتواصل بين القدس ومساكنهم في عمق الضفة الغربية في طرق خاصة تبعد الأسر اليهودية عن العربية، كاشفاً أنه يوجد في حدود الجدار العازل 375 ألف فلسطيني منهم 175 ألفاً خارج مدينة القدس.
وبهذا السياق تعرضت مدينة (قلقيلية) مثلاً للقهر والفصل حيث يوجد بها 45 ألف فلسطيني صادرت إسرائيل جميع أراضيهم وثلث الموارد المائية وكذا فعلت في 170 ألف فلسطيني في بيت لحم، مشدداً بالوقت نفسه على أن هذه السياسات تقلل من فرص استعادة الثقة بين الجانبين ما دام الجدار يمتد كالثعبان في الأراضي المحتلة كما أن منظمات حقوق الإنسان الدولية تشير إلى أن 630 ألف فلسطيني يمثلون 20% من السكان، وأن الأطفال من سن 12 إلى 14 عاماً تعرضوا لاعتقالات والعقاب بالسجن لمدد تصل إلى 6 أشهر؛ الأمر الذي يعد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي، ويشدد كذلك على ضرورة تحرك الجميع من أجل السلام بين إسرائيل والفلسطينيين موضحاً أن القضية الفلسطينية تعتبر المحور الأساسي بين علاقات العالم الغربي والعالم الإسلامي.
وقطعاً لم يبق للتذكير سوى القول إن الرئيس جيمي كارتر سبق أن طالب في مقابلة تلفزيونية شهيرة بأن تبادر الولايات المتحدة إلى نزع أسلحتها غير التقليدية؛ لكي تكون قدوة للدول الأخرى مثل كوريا الشمالية لتحذو حذوها وتدمر مخزوناتها من هذه الأسلحة، مشدداً على أن ما تفعله الولايات المتحدة هو رفض الاستجابة للجهود الدولية الرامية لتدمير جميع مخزونات الأسلحة الجرثومية في العالم ومن بينها المخزون الذي بحوزتها.

nada@journalist.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved