| |
الفلسطينيون ومخاطر الفرقة
|
|
أخذت تجاذبات الداخل الفلسطيني منحى جديداً بعد دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة؛ مما أثار حفيظة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تترأس الحكومة الفلسطينية وتتمسك ببقائها على رأس الهرم التنفيذي في الحكم، ولم يخلُ الأمر من ملامح أزمة سياسية خانقة تمثلت في الاشتباكات التي حدثت بين كوادر حركتي فتح وحماس وراح ضحيتها حتى الآن قتيل وعدة جرحى؛ مما يهدِّد بانفجار الشارع الفلسطيني وحدوث الفرقة السياسية بين رفقاء السلاح وإخوة النضال، وهو الأمر الذي إن حدث - لا قدَّر الله - فإن الخاسر الأول والأخير فيه سيكون الشعب الفلسطيني، ولن تتردد إسرائيل في الدخول على خط الأزمة لتحقيق مكاسبها الميدانية والأمنية من خلال تنفيذ المزيد من الاغتيالات والتوغلات لإحكام الحصار على الفلسطينيين. لقد قطع الفلسطينيون في مسيرة نضالهم درباً طويلاً ومنهكاً بالتضحيات، سواء على الصعيد السياسي والتفاوضي أو العسكري؛ مما يحتم عليهم بكافة فصائلهم وأيديولوجياتهم المحافظة على مكتسبات وإنجازات الإرث النضالي الطويل وعدم إضاعته وتبديده هدراً في نزاعات ومشاحنات داخلية ضيِّقة بدأت في التصلب بالمواقف في قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ومرّت بقتل الأطفال الأبرياء وبمحاولة اغتيال هنية، وانتهت بتأزم الوضع السياسي الفلسطيني بعد تباين وجهات النظر حول تعجيل الانتخابات والتبكير بها. لقد أضحت القضية الفلسطينية بأمس الحاجة إلى مزيد من التضحيات الوطنية، ونعني بها تضحيات التنازل عن المواقف السياسية من كافة أقطاب الساحة الفلسطينية من أجل المبدأ الأعلى والأهم وهو مبدأ الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني، تلك الوحدة التي طالما قضَّت مضاجع الإسرائيليين، وذلك من خلال التكاتف في مواجهة نير الاحتلال والاضطهاد، وإذا فقد الفلسطينيون تلاحمهم ضاعوا في متاهات التشرذم والتحزب والتخوين، فلن يكون هناك بديل عنها سوى انهيار فلسفة النضال الموحد والارتماء إما في أحضان إسرائيل للتسليم والتفريط بالحقوق المصيرية وإما بالسقوط في أتون النزاعات وموجات الحروب الأهلية.
|
|
|
| |
|