| |
الرئة الثالثة أحلم بعالم مشحون بالحب.. مفرّغ من الحرب! عبدالرحمن بن محمد السدحان
|
|
* قيل لي مرة: * (وأنت تبلغ عقدك الستين، ماذا عثرت عليه من أحلامك.. وماذا تعثّر منها، ومن السبب)؟ فقلت: * المعمر كلّه صراط من الأحلام، منها ما يتحقق، ومنها ما يتعثّر، ومنها ما يبتعله موج المستحيل! أمّا أنا فلم ولن أندب حلمي العاثر في أي زمان أو مكان، أو انعي رحيله، أو أبكي فقده، لا ولن ألاحق مغتاله.. بالعتاب أو العقاب.. أو حتّى السؤال! سأظل أنام ملء جفوني.. وأحلم من جديد! لأنني أؤمن أن من يحلم بالمستحيل.. يغدو حلمه نصلاً يقطع فيه وريد الإبداع! *** * وبعبارة أخرى، الحلم عندي نورٌ ونارٌ: * هو نورٌ كلّما اقترن تحقيقه بالوسيلة النقيّة المبدعة.. * وهو نارٌ، كلما حلّق بصاحبه في أجواء السراب! وقد علمتني عقود الستين أن أمر بعض الأحلام أعذبها، وبعضها الآخر يظل طيفاً في عِصمة المجهول، لا يمنح حقاً ولا يمنع باطلاً! *** * قالوا: ففيم تحلمُ الآن وقد بلغ (منك) العمر ما بلغ.. وتحقق لك في دروبه جلُّ ما تمنيت؟ * فقلت: سأبقى أحلمُ.. وأحلمُ ما بقي لي من عمر، وهذه أهم (عناوين) أحلامي الباقية: * أحلمُ بعالم مفرِّغ من الحرب. * مشحون بالحبِّ. * نقي من الإثرة. * غني بالإيثار. * عالم تعشقه الحرية المسؤولة، ويعشق هو كرامة الإنسان! * عالم يبدع في ردم الفجوة بين الفقر والغنى.. والجهل والمعرفة، والمرض والعافية! *** * قالوا: بِمَ إذن تصنّف أحلامَك في قديم الزمان وحاضره؟ * فقلت: الأحلام عندي ثلاث مراتب.. * أعلاها (الممكن) الذي (يتّحِدُ) مع إرادة المرء وقدرته ومعرفته، فيكون له غيثاً مُغيثاً. * وأوسطها مالا يتأتَّى تحقيقه في التوّ والآن.. لظرف زمان أو مكان، أو لعلِّه من عِللِ النفس تتطلّب ترويضاً يعدّل مائلَها، ويصلح ما أفسده الزمان بها! * أمّا أدناها فهو (المستحيل) الذي لا (يتّحِد) مع شيءٍ ولا يستقيم معه شيء! * قيل لي مرة: حدثنا عن أحلام طفولتك.. ماذا تحقق منها؟ * فقلت: إن أغرب ما في طفولتي إنني لم أحلم بما تحقّق لي حتى اليوم بفضل الله، وفيما عدا ذلك، كنتُ استضيف بين أضلعي حُلماً طفولياً خجولاً أن انعم كبيراً بما افتقدته صغيراً، وقد أدركتُ والحمد لله جلَّ ما حلمت به: حنان الوالدين ورضاهما حتى رحلا إلى فردوس الخلود بإذن الله، ثم التأهيل المسيّر للجد في العمل والتمتع بنتائجه، مادية ومعنوية، وأخيراً العتق من الشعور بالغربة داخل دياجير الزمان والمكان! *** كلمة ونصف: * الحياة العامة: صخبٌ (يوقر) السمع والبصر والإحساس! * الليل: استراحة المحاربين.. وستر المحبين! * القمر: كنت (أشعر) به يوم كان لحناً يتغنّى به الشعراء حتى فقد (عذريته) على يد غُزاة الفضاء! * السياسة: في عرف أهلها (فن).. وفي عرفي أنا ما وُصِفَ به الشعراء الذين هُم في كل وادٍ يهيمون! * المعقول: كل ما (عقل) اللسان والجوارح من اللا معقول! * الجنون: عند البعض (فلسفة).. وعند البعض الآخر (إبداع) وفي عرف العامة من الناس: ضياع (بوصلة) العقل.. وسط الزحام! * الوداع: لا أطيقه.. لأنه يذكّرني بنهاية كل شيء!
|
|
|
| |
|