| |
يسومونهم سوء العذاب أمل الفاران
|
|
رهف وخالد ومتعب ومعهم كثير الله أعلم بعدتهم، هؤلاء أرواح نقيّة أرهق منها ما أرهق وأزهق منها ما رضينا بأن يزهق.. والحكايات تعرفونها، ولعلكم لو فتشتم الذاكرة قليلاً لدعمت الأسماء والصور بما تعرفون من واقع حولكم لم تصل أضواء الإعلام إليه لتنشره. والأطفال فئة مستضعفة هنا ككل فئة لا صوت لها، وما يصل إلى مسامعنا مما يرتكب بحقها من إساءة نضج له فترة ثم ننشغل عنه بسواه، دون أن ينتج عن غضبنا أو صمتنا فعل حقيقي يكرس وضعاً يليق بمن نعدهم لغد الوطن. والإساءة للأطفال مراتب أدناها يمرره الجهل والفقر والموروث كالإساءة اللفظية أو الضرب وأعلاها لا عذر له ولا تبرير كالتحرّش أو الاغتصاب أو التعذيب حتى الموت وبين هذا وذاك الاتجار بالصغار بتشغيلهم أو تزويج القاصرات. ما يهمني هنا والقضايا متشعبة أشكال الاضطهاد في محيط الأسرة بصوره النمطية، وما لا أفهمه هو لماذا لا تقنن العقوبات في مثل هذه الأوضاع؟ إن عقوبات واضحة رادعة لا اجتهادات فيها تتفاوت إفراطاً وتفريطاً بين حالة وأخرى قد لا تنهي المشكلة لكنها ستنخفض بها عن معدل الظاهرة كما هو الوضع الآن. والأهم من ذلك برأيي إحكام وضع الأسرة بعد التعامل مع المسيء للأطفال فيها، فإعادته لمحيطه ذاته بعد عقوبة تطول أو تقصر تشريع للإساءة وحث على تكرارها، بل التمادي فيها.. أليس هذا ما حصل مع خالد ومتعب؟ ما الذي يجبر الأسر التي تعاني وجود مسيء للأطفال فيها على السكوت عنه إلا الخوف من أن لا ينال عقوبة رادعة له حامية لهم؟! والعقوبات الصارمة التي ننادي بها هناك من يتحرّج من تطبيقها أو المناداة بها تذرعاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقاد والد بولده) رغم أن ذلك لو حصل فسيكون قصاصاً فيه حياة لآخرين مرشحين للاعتداء عليهم مستقبلاً. ليكن لا تقتلوا والداً قتل ولده برميه على مدفأة أو جرجرته ضارباً رأسه بالجدران أو حرق أجزاء جسده بالكهرباء، لكن على الأقل أبعدوه عن بقية أولاده حتى لا يزهق مع الروح الأولى أروحاً أخرى. ألا يفقد المعتدي أهليته لحضانة صغاره بعد أن يقتل أحدهم؟ هي مسألة خطيرة يجب أن يحسمها القضاء قبل أن يطلق سراح المعتدي، لأن الأسر التي تعاني تعاملاً يومياً مرعباً مع مضطهد لها يجب أن تجد ما يشجعها لتبلغ عنه. القضية شائكة والتعامل معها يجب أن يكون جريئاً وبعدة صور: 1 - تحديد عقوبات رادعة لمضطهدي الأطفال وإعلانها. 2 - نشر وعي حقوقي في الشريحة المستهدفة بالاضطهاد (الأطفال وأمهاتهم) بكل الوسائل الممكنة. 3 - إنشاء خط ساخن لتلقي البلاغات عن العنف الأسري سواء من داخل الأسرة أو من خارجها. 4 - تعريف الأطفال بحقوقهم ومظاهر الإساءة لهم وكيفية التعامل معها بإدراج هذه المعرفة في موادهم الدراسية؛ مادة السلوك مثلاً، أو الوطنية باعتبار المعاملة الجيدة للطفل حق له كمواطن تكفله الدولة.
|
|
|
| |
|