| |
المسرح ساحة الحوار الأولى فهد الحوشاني
|
|
منذ أكثر من 2500 سنة والمسرح يبث نموذجاً حضارياً من الحوار سواء ما تقوم به الشخصيات على خشبته أو بينه وبين الجمهور، حيث تنطلق الكلمة والصورة والحركة حاملة الفكرة تلو الأخرى من منصة الخشبة إلى عقول وأفئدة المشاهدين بعد أن تأخذ نصيبها من المناقشة بين الشخصيات المتضادة والمتصارعة على خشبته. هذه المهمة الحضارية القديمة والمتجددة للمسرح، التي لا يمكن لوسيلة أخرى أن تتلقفها، أو تقوم بهذا الدور المهم لأي مجتمع يريد أن يروّج لفكرة التّحاور والالتقاء مع الآخر واتخاذ أسلوب الفكرة والرد عليها من خلال المجادلة الواعية المتجهة للعقل قبل العاطفة، ومن ثم ترك القرار الأخير للجمهور.. إن المسرح يعطي نموذجاً عالياً وحضارياً لكيفية مناقشة الأفكار، حيث يتخذ الصراع بين الشخصيات وبخاصة في المسرحيات الفكرية يتخذ المنحى الذي يعلي شأن الجدل والرد على الفكرة بأخرى في صراع درامي متصاعد، وهذا بالضبط ما نحتاجه في هذا الوقت الذي ندعو فيه للحوار.. فمتى ننتبه إلى ضرورة وجود مسرح يعزز الحوار بما للمسرح من قدرة على التأثير وقوة جاذبة للمشاهدين في مختلف مستوياتهم، إلا أن هذا القرار يحتاج إلى إداريين مثقفين واعين لديهم القدرة على تبني قرارات جريئة تدعم التوجه الرسمي للحوار وللتنوير والانفتاح على الآخر، لكن للأسف لا تزال حواراتنا مبتورة.. إما لأنها لا تتعدى منطقة مناقشة جدوى فكرة الحوار نفسها، أو لأنها حتى الآن لم تتخذ الآليات والأدوات التي تجعل من الحوار ممارسة وليس مجرد نظريات وأفكار مجردة!
alhoshanei@hotmail.com |
|
|
| |
|