| |
أما بعد مدرسة في الصبر عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي
|
|
قال الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(155-156) سورة البقرة. هذه هي الدنيا، لا تستقر على حال، ولا يهنأ لأهلها بال، تتقلب فيها الأحوال بين فرح وترح، أمل وألم، ضحك وبكاء، سعادة وشقاء. فسبحان مقدر الأمور، ومصرف الأحوال، إذا قضى أمراً كان مفعولاً، لا يملك البشر أمام إرادته وحكمته سوى التسليم والرضا. في يوم الأربعاء 1-11-1427هـ توجه الأخ العزيز الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السويح إلى الرياض لأداء واجب العزاء في وفاة عزيز أحبه في الله، وفي الطريق اتصل بابنه البار عبدالله، وطلب منه أن يؤم المصلين في صلاة العصر والمغرب والعشاء، وكان الابن الحبيب في الطريق من الرياض إلى سدير، وبعد أن وصل توجه للبيت وسلم على والدته، ثم توجه إلى المسجد لأداء صلاة العصر مع إخوانه عبدالسلام وعبداللطيف وعبدالمحسن، أم المصلين وبعد الصلاة قرأ عليهم ما تيسر من الحديث الشريف، وسلم على جماعة المسجد، بعد ذلك ركب السيارة وإخوانه متجهاً إلى سد روضة سدير حيث الأمطار المتواصلة خلال الأسبوع الماضي - ولله الحمد والمنة - وفي الطريق حصل الحادث الأليم فتوفي عبدالله وعبدالسلام وعبداللطيف، وسلم - ولله الحمد والفضل - أخوهم الرابع عبدالمحسن -جعله الله قرة عين لوالديه وجبر بصلاحه مصابهما الأليم بفقد الأحبة. لقد كان المصاب أليماً، والحدث جللاً، اضطربت له النفوس، وتهاوت أمامه العزائم، وخفقت له القلوب وجلة حزينة، ليس لآل السويح فقط بل لكل من عرف الأحبة ووالدهم، ومع هذا واجه الشيخ عبدالرحمن الموقف بصبر واحتساب لم أر لهما مثيلاً فيما أعرفه في هذا الزمان، لقد قابل معزيه بابتسامة مشرقة مؤمنة، لقد كان يواسي المعزين ويقول هذه منحة من الله، هذه هبة وعطية، هذه نعمة امتن الله بها عليّ وعلى أبنائي، وكان يردد (لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها)، كان فرحاً بالبشرى والوعد الحق الذي وعده الله لمن يصاب بفقد الولد ويحمد الله تعالى على ذلك (ابنوا لعبدي بيتاً وسموه بيت الحمد)، فكيف بمن فقد ثلاثة وأي ثلاثة؟ هنيئاً لك يا أبا عبدالله ما أصابك وهنيئاً لك صبرك واحتسابك، وليس هذا بغريب عليك أو مستكثر، فأنت من بيت كريم مؤمن عارف بالله متبع لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنت بهذا الموقف تجسد قول عمر بن عبدالعزيز: أصبحت ومالي سرور إلا في مواطن القضاء.
|
|
|
| |
|