النشاط المتقد لفناني الدوادمي خلال الأعوام الماضية أثر بشكل أو بآخر على اهتمامات البعض من الفنانين التشكيليين أو النحاتين السعوديين الشباب الذين كانوا يتلمسون طريقا يأخذ بهم إلى مصاف النحاتين المعروفين على المستوى المحلي على الخصوص، وإذا كان هذا الاهتمام امتد إلى خارج المدينة فإنه امتداد محدود، فالفنانون كانوا أكثر تكلفا في التنافس فيما بينهم هذا التكلف أفقدهم بالمقابل الحضور الأكثر اتساعا وتأثرا وأعني الخارج الذي كانوا غالبا بعيدين عنه حتى مع تواجد بعضهم في بعض المناسبات. ظهرت في مدن أخرى أسماء اهتمت بالنحت كما هو الفنان نبيل نجدي في المدينة المنورة لكن نجدي كان أكثر تنويعا وكانت أعماله ذات بساطة وتعتمد غالبا التأليف والتركيب على خلاف صعوبة التعامل مع القطع الرخامية أو الجرانيتية. أعمال نجدي أقرب إلى المجسمات الجمالية كما هو غيره، وهو ما كانت تمنحه الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت تطلق على إحدى جائزتها تلك (جائزة الفنون التطبيقية)، المنجزات الأخيرة تحققت على نحو أكثر وضوحا في معرض نظمته وزارة الثقافة والإعلام تحت مسمى(المعرض السعودي الأول للعمال ثلاثية الأبعاد) والفكرة حققت على الأقل حصر عدد غير قليل ممن اهتموا بالنحت أو تفريعاته أو التقريب إليه، ذلك من خلال الأعمال الكثيرة التي ضمها المعرض. في الواقع كانت أعمال د. محمد الفارس وعبدالرحمن العجلان و صالح الزاير وصديق واصل وعلي الرزيزاء وإبراهيم فلاتة وبيان الباحث وتغريد العبودي وعبدالله المرزوق وهدى الشهري ومها العريفي ومحمد العمير ومحمد الغامدي وأسماء أخرى ذكرت بعضهم تعبيرا عن ثراء في توظيف الخامة أو تحقيق فكرة جديدة وبخامة أو تقنية لم تخل من اختلاف. هذا المعرض كان إطارا لتواصل نحو مثل هذه الأعمال المجسمة ومع خلوه من تجارب تحمل حداثتها الفنية أو جرأة غير مسبوقة وكما أشرت سابقا لاسم شيخون أو نايل ملا أو زمان محمد جاسم أو غيرهم ممن توجهوا نحو عمل مفاهيمي ذو أبعاد متعددة إلا أننا كنا أمام تجارب تعبر عن سعي للتجريب على مادة أو خامة قد لا يكون الفنان وظفها من قبل.
الفنانة حميدة السنان طرحت منذ أسابيع تجربة جديدة شاركها فيها مجموعة من الشابات اللاتي يتدربن في مرسمها. قدمن مجموعة من المجسمات اشتغلنها بخامات متنوعة واتخذت مقاسات تزيد على المترين ارتفاعا. وعرضت هذه الأعمال في القطيف. كانت محاولة مضنية حسب ظني للمراحل التي يمكن أن تمر بالعمل وحتى إنجازه نهائيا بتلوين لم يتناسب وهيئة المجسم أو علاقاته. هذه الأعمال أقرب من أعمال التجسيم الميدانية وهي فرصة أن تجد هذه التجربة صداها على مستوى ما يمكن اختياره للنصب في أحد ميادين المدينة بعد إعادة النظر في بعض جوانبها.
مدينة جدة التي احتضنت أعمال نحاتين عربا وسعوديين تقابلها عدة مدن سعودية المجسمات من تصاميم أجنبية، وقد تحمل دلالات الموقع مثل تلك التي في الدمام على سبيل المثال، في حين جدة تمتلئ ميادينها بالأعمال المتنوعة وربما في مدن أخرى أعمالا مكبرة لأدوات شعبية.
أسماء سعودية كان لها تجارب لأعمال مجسمة تدخل ضمن المفهوم لعلنا نجد ذلك في بعض ما قدمه الفنان فيصل السمرة أو محمد الغامدي أو الراحل هاشم سلطان أو غيرهم وفي معرض مجموعة تعاكظ الذي أقيم مؤخرا في الرياض قدم الفنان محمد الثقفي تجربة أو محاولة نحتية تتلمس تميزها بين أقرانه، أبرز ما لفت نظري هو التكنيك الذي يوظف به عملية التوليف بين قطعتين مختلفتين ومع كل تلك الإحالات التي تذكرنا في أعمال بعض الفنانين المحليين ببعضهم أرى أهمية أن يكون الفنان النحات أكثر دربة وجرأة في تجاوز من سبقوه والتفكير في نتيجة جديدة تثير مشاهدها وتزيد أسئلته.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244