هاتفني وهو ينتفض لهفة وكلماته تتسابق على لسانه وهو يقول.. وجدتها بعد طول انتظار، إنني مثل الذي وجد دابته وعليها طعامه وشرابه بعد أن فقدها في صحراء الربع الخالي! هل قرأت ذلك الخبر عن الشعر والوجدان بعد أن تيبست عواطفنا، وأدمنا الركض في هذه الحياة واء لعبة الوظائف والمناصب. وكيف نمكن الشلة والأصدقاء من مقربين بدلاً من المعارف والأبعدين!!
وكذلك غزوات الأسهم وما في حكمها قلت له: ما بك ما لديك قالوا: اليوم في الأخبار أن هناك قرية إيطالية اسمها نيرونا عاش بها روميو وجوليت رمز الحب الغربي المجنح، وذلك قبل ستمائة عام من الآن.. لقد أدخلوا قريتهم التاريخ كرمز للحب والعشق.. تمهل يا عزيزي: العرب أيضاً لديهم رمز خاص بهم في هذا المجال الرومانسي، هما قيس وليلى، وقد عاشا على أرض بلادنا في عصر الدولة الأموية، وتحديداً في الأفلاج وجبل التوباد جنوب مدينة الرياض، هناك هو موقع مطارح غرامهما. وقد قام الشاعر أحمد شوقي فيما بعد تلك الفترة وهو في قاهرة المعز، وعلى بعد آلاف الكيلومترات بتجسيد تلك الأمثولة الرائعة مجنون ليلى وصورهما يرعيان الغنم معاً ويلعبان بالحصى. وإن ليلى لم تزد في عينه غير أصبعا: والسؤال ماذا قدم كتاب هذا العصر عن تراث العرب القديم في الوقت الذي يروج العرب للقصص باهتة مثل حكايتك يا أخي مع نيرونا ومواطنها روميو وجوليت وخبرهما الذي حرك مشاعرك، وقد نسيت تراثك العريض خاصة في الشعر والحب والهيام.
اقرأ من تراثك العربي: كيف يموت العشاق ومصارع العشاق وطوق الحمامة لابن حزم والعشاق العرب كثر، بحيث يصعب حصرهم في عجالة. وكيف أن هناك قبيلة كاملة هي عذرة التي منها العشاق العذريين والتي طبعت معظم العشق العربي بالعفة والنقاء والحب الصافي.
ولعلنا نتذكر كثير عزة وجميل بثينة وأميرهم بلا منازع، قيس بن الملوح أو المجنون بليلى الذي سبق ذكره، وكيف مات من العشق والهوى.. كل هؤلاء يستحقون أن يؤرخ لهم الأدب العربي وأن يقرأ العالم عنهم لا أن يقرأ فحسب عن هذا العويشق الولهان (خواجتكم) مسيو روميو وجوليت، وهما كما ترى عاشق (هلكان) وحيد في ساحتهم الجافة ما عدا بعض الخيالات لدى شكسبير التي جسدها في أعماله تركها يدور حولها ألف شك وشك!!
ما علينا هل نضبت عواطفنا وأصبحنا لا نقيم وزناً لمشاعر الأخوة والمعرفة بيننا.. إنني أعرف أكثر من حالة طعن في الظهر بين من جمعتهم صداقة وزمالة.. فإذا القوي يغدر بمن حوله دون النظر إلى أي اعتبار!!
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244