نأمل أن تكون بخير؛ فلها الدعاء والوفاء، والجزيرة الثقافية مدينة لها بحضور جميل قبل بضعة عشر عاماً؛ حين اختارتنا، ونحن في مرحلة انتقالية، لتخصنا بشعرها، وتدعمنا بمشاعرها، وتطمئننا أن المثقف الحقيقي ذو رسالة لا يعنيه من تصدَّر ومن تأخَّر، وكانت تلك الفترة بداية الخروج من النفق.
جوبهت بحرب وحراب، وأوذيت في توجهاتها، وكانت الشاعرة الأولى في «مهرجان المربد» والمهمشة في مهرجاناتنا، واستطال ظلام صنف الأمة، ثم انزاح، أو كاد؛ فعرفنا أن من اتهم استهم باللجوء لله وحده؛ فتضاعفت أسهمه وأبطلت سهامهم.
حسبنا الله، وكانت تكفي؛ فقد أفرزت مرحلة الوصاية أجيالاً شاءت الانتقام دون أن تدري؛ فلم تعد مشكلتنا أنها ألقت شِعْراً حاسرة الشَعْر، أو وظفت رمزاً لطلوع الفجر، فالكبت ولَّد الانفجار، وبتنا نخاف الله في جيل لن يقرأ غير كهوف الليل تدار مساءاتها بالنصب والجر.
رِوايات نستحي «من بلغنا من الكبر عتيا» أن نقرأها، ونحذر أن نُقرئها، ونصوص إباحية حد التجاوز على الثوابت، والغدر بالمسلمات، والتطاول على قيم الإيمان، والتعرض لذات الله - جل الله -، وليت من كبت وبكَّت أن يدرك أن له نصيباً من الوِزْر حين ألجأ الثقافة إلى السراديب؛ فغفونا على الأوهام واستيقظنا على الألغام.
اختفت الشاعرة (خديجة يوسف العمري - الأردن 1960م) منذ سنوات، وهي في أوج عطائها، وما نزال نسعى لاستعادتها؛ مستعينين بشاعرنا الكبير (محمد جبر الحربي) الذي هو - لحظ الإبداع - زوجها، وامتد الوعد وعوداً، وأبو أعراف يؤكد قرب عودتها، وما نزال ننتظر.
(تعاليل) واحد من نصوصها الجميلة؛ فنظريتها أن «الثريا وسهيلا» يلتقيان:
«بين غيّ المداد وسهو البلاد وما افترضَ الحزن أخطاءه في دمي.. بين بابٍ وبابْ.. وباب يراودني عن فمي.. أمرِّن عافيتي مرةً بالغناء.. وحينًا أبلل بالصمت أعجازها الضامرة».
مثل تعاليل: «إرم» و»المريدون كثر» و»دون الذي أنوي»، وهي نتاج بحث عام متاح للجميع، وهو ما يمثل ما يبقى من المبدع بعيداً عن بحوث تستعين بصداقة أو صديق لتقرأ بواطن الظواهر؛ وهو نفسه ما يحكي موقع الاسم وشكل الرسم بعد أن ينفض السامر أو ينقضي الأجل.
لشاعرتنا الكبيرة دعوة بالحياة الهانئة وإطلالة قريبة عبر الثقافية فلعلها تستجيب، ولعل وزارة الثقافة تلتفت للغائبين؛ فلن تعدموا حضور الوجاهة وتبعية التوجيه.
الغياب إشارة.
ibrturkia@gmail.com