Culture Magazine Thursday  15/04/2010 G Issue 306
فضاءات
الخميس 1 ,جمادى الاولى 1431   العدد  306
 
السؤالات في الأسئلة
لمياء السويلم

لكل مرحلة همومها، وفي مساءلة الهموم الثقافية اليوم أيهما أجدى وأولى وأيهما أفضل إمكانا للإجابة؟ أمساءلة الوقت وإشارات الزمن؟ أم مساءلة الحدث والمكان؟ أي الأسئلة أحق بأن تطرح هنا اليوم؟ تلك المتعلقة بالأولوية والأهمية والجدوى، أو تلك التي تبحث عن الأفضل والأقدر، أسئلة الإفادة والمنفعة والكسب والربح، أسئلة القيمة الوجودية بشكلها المجرد صراعا لحسنى البقاء، أو أن الإبداع لذاته هو واستفهاماته لذاتها هي هما الأحق في التساؤل، الإبداع الذي يتجرد من الكل إلا من أثره، صورته وشكله، أيهم له الأحقية في السؤال؟ ولماذا منذ البدء كان على الأسئلة أن تفاضل بين بعضها البعض بالأحق؟ وهل أخذ الحق مكانه في التحكيم ومكانته على السواء؟ أم أنه احتل المكان استباقا؟ فتمكن من محله قبل أن يتجوهر كنهه، مما أسفر عن الكل باسمه دون أن يسفر هو عن معناه، فبما ولما أريد من الحق أن يحكم ولأجل ماذا؟

هل للأسئلة أن تعاود طرحها وإن وجدت في مرحلة ما طريقها للأجوبة؟ أو أن للشكل والمضمون أن يتغايرا ويستجدا في استفهامات جديدة وغيرية؟ وهل للجديد من الأسئلة إمكانات أوسع وأفسح وأرحب للإجابة؟ ولماذا منذ البدء يسعى السؤال للجواب؟ يعيش متطلعا له منصرف الوظيفة إليه كأنما ماسبقه أو أخرج منه وعنه لا يعنيه، وكيف تغير الأسئلة من أهدافها وغاياتها التي تريد وتسعى إليها وهي لا تملك من الأدوات إلا كيف ولماذا ولما وأين ومتى وأنى وفيما وكم ومن وعلاما منذ اكتشفت اللغة استفهاماتها وانكشفت بها؟ ولماذا تشكل الأسئلة الاستفهامية الأكثر، ولما الأغراض الأخرى تنطفئ حين تحضر السؤالات المشكلة؟ ومتى تحضر وأين؟ ولماذا في متى والمساءلات الزمنية تبدو الأسئلة في سباق كأن بها من خوف صاحبها على ذات تموت وتفنى، فهل تفنى الأسئلة أم أنها تموت ولا تحيا فقط؟ وأيهم يشتد به التساؤل ويكتنز ويزداد؟ الاستفهام عن الماضي الذي يُشكل في اليوم؟ أو الاستفهام في اليوم الذي سيشكل في الغد؟ أم السؤال عن القادم أو الذي لا يجيء؟ الآت الذي يكذّب كهانة القراءات جميعها كما تكذب الأديان فناجين القهوة والأحجار وإن صدقها المتدينون، وهل الأسئلة عن اللحظة اللحظة أدق وأحذق أو أن في سؤالات الأيام الطوال رؤى أوضح لهموم المرحلة؟

وعند المكان ماالذي سيستوفي الهم من الأسئلة؟ والأين كم كررتها وستكررها الأجوبة؟ ولماذا تصادر الأماكن أوقاتها ومواقيتها، وهل الأين استفهام عن الهنا أو الذي هناك، وكيف يؤرخ الحدث مكانه ويدون صورته، وكيف يرسم ألوانه وتقاطيعه، فطرته وأوجهه المختلفة، وأيهما يحتفي به التاريخ في تدوين مراحله، تفاصيل المكان الذي غاب وغيب ويغيب؟ أم الزمن الذي يقاس باللحظة والساعات والأيام ويحفظ بالإشارة قبلها وبعدها وأثنائها، وأيهما يفعل وأيهما ينفعل، أيهما يكتب وأيهما يقرأ، أيهما تشغله الأقوال وأيهما ينشغل عنها ويشتغل بها، ولماذا السؤال عن الاحتفاء وليس عن المخفي والمجحود، لماذا لا تذكر الجغرافيا نفسها إلا على سبل المغايرة والتحايل والتدارك عن الضعف والنقص، وماالذي يخفيه تاريخ المراحل إن لم يكن همها الثقافي قبل أن تصدر العناوين وترفع عنها الأقلام؟

أسئلة تجترح الأسئلة، والهم الثقافي لم ولن تنجرح حلوله بإجابات تجتهد لردم الاستفهام ورفع المساءلة عن الحال بالمنادمة، ألأنها الطمأنينة هي عدو المثقف ونقيض جوهره؟ أم هو اليقين بأعماله الإيمانية والعقائدية وأحصنة الهجوم وحصون الدفاع، ولماذا ترفع الأعلام والرايات للأجوبة ولا يعزف للسؤالات حتى النشيد، كيف تثاب الإجابة بقول ونقد وذم ومدح، وتنتفي من الأسئلة الأسئلة، متى يقف السؤال عن الفلسفة ليجلس إلى نفسه يسأل عنه وفيه وإليه؟ لماذا تحفظ الأجوبة ويتحفظ عليها وتدون وتدان وتروى وتقطع عن الرواية ويتغنى بها وضدها، ولا يلتفت للاستفهام انتباه ولايراجع فيه أداء ولا أداة ولا يؤتى من القول قليلا؟

متى وأين استبدت العلل والأسباب فعلت لماذا على كيف، وخاضت متى في أين، وتوالدت أنى عنهما معنى على معنى، متى دارت كيف على كمها وصارت ظلها الذي لا يلزم إلا لزوم الانعكاس، فذهبت الأسئلة تستفهم عن سقف الأجوبة كيف له أن يرتفع، كأن بإمكان الجواب أن يرتقي وينفتح داخل المفكر فيه فقط ليبقى اللامفكر به مصير السؤال وأرضه اللامسقوفة، فأينا يجترئ على الوراء، حيث ماقبل السؤالات، يبذر الأداة بالأداة، ويشغل وظائفها بنفسها، فيسائل كيف بالكيفية، والكم بكمه، والأين بالمكان ومتى بزمانها، من يفك قيد لماذا من العلة وأسبابها، ومن يسأل نفسه قبل أن يطرح من، وكيف نجعل الأسئلة تقولنا عوض أن نقولها، فيعبر عنا الكلام إذا ماعجزنا أن نعبر به عنا، وكيف تسألنا الأسئلة بدل أن نسألها؟..

السؤال في الهم الثقافي للمرحلة، عليه أن يراجع تاريخ المساءلة وأسئلة التاريخ، عليه أن ينصرف عن البذخ في الأجوبة ومراجعاتها إلى البحث في الأسئلة، كيف ومتى ومن أين تنطلق وإلى ولماذا وفيم تراد، عن الغاية في السؤال قبل السؤال عن الغاية، وعن المعنى فيه قبل المعنى الذي يسأله، اليوم واليوم تحديدا على السؤال أن يسأل السؤال قبل أن يسأل الإجابة..

lamia.swm@gmail.com الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة