تأكيداً للاهتمام العظيم والرعاية الكريمة لمشروعات الحرمين والمشاعر المقدسة، فقد استهل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- عهده الميمون -رعاه الله- بزيارة لمكة المكرمة ثم المدينة المنورة لمتابعة مشروعات التوسعة في الحرمين الشريفين، وهو ما يأتي امتداداً لمسيرة المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- وملوكنا السابقين - رحمهم الله- الذين اهتموا بعمارة وتوسعة الحرمين الشريفين.
كما وجَّه - حفظه الله- بالاهتمام والعناية والمتابعة الكاملة لأعمال توسعات الحرمين، وكما أكد -حفظه الله- أن أولى مهامه حراسة المقدسات الإسلامية والعناية بها، كما هو شأن قادة هذه البلاد بداية من الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبنائه من بعده إلى هذا العهد الذي وصلت فيه خدمة الحرمين إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل -ولله الحمد.
فمنذ العام الأول لمهام الحكم دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بطاقة استيعابية تقدر بنحو مليوني مصلٍ، والتي تتألف من 5 مشروعات تشمل: مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول.
وتضمن المشروع إنشاء 78 باباً أوتوماتيكيا يتم إغلاقها بالتحكم عن بُعد وتحيط بالحرم في الدور الأرضي.
ويضيف ثالث مشروع لتوسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة به مساحة مقدارها الثلثان مقارنة بالمساحة السابقة للمسجد الحرام.
ليؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مواصلة ملوك هذه البلاد الاهتمام بالحرمين الشريفين ويضع بصمته بعد مسيرة ستة ملوك خلدت بصماتهم في عمارة الحرمين.
والمتابع لمشروعات الحرمين الشريفين ودور ملوك المملكة المكثف منذ عقود لتوسعة وتجديد عمارة الحرمين يجد أن ما يبذله الملك سلمان من عناية بالحرمين ومشاريعها يأتي كحلقة من سلسلة طويلة بدأها قادة هذه البلاد منذ عهد المؤسس -رحمه الله- الذي بدأ مشاريع التوسعة، وهي التوسعة السعودية الأولى، حيث أولى الحرمين الشريفين اهتمامًا منذ تشرف بالولاية عليهما، واعتنى بهما عناية بالغة حيث أعلن البدء في ترميمات الحرمين الشريفين وبذل كل غالٍ ونفيس في سبيلهما.
وكان من أبرز ما حققه المؤسس ترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، واستخدام أفضل أنواع الرخام في أرجاء المسجد كافة في سنة 1344هـ، وإصلاحات للمسجد الحرام شمل الترميم والطلاء ومظلة إبراهيم وقبة زمزم، وأنفق على ذلك ما يربو على ألفي جنيه ذهبًا، وذلك في سنة 1346هـ.
أمر -رحمه الله- بعمل مظلات قوية ثابتة على حاشية صحن المطاف، ليستظل تحتها المصلون، وكذا الأمر بتأسيس أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة في عام 1346 هـ وتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ يرصف فيها هذا الطريق منذ فرض الله تعالى الحج على المسلمين؛ مما كان سببًا في راحة الساعين من الغبار والأتربة وأمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم.
كما أمر بعمل باب جديد للكعبة مغطى بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نقشت بأحرف من الذهب الخالص، - أمر بإصلاح عضادتي باب الكعبة بالفضة الخالصة الموشاة بالذهب.
وتوالت أعمال التوسعة في عهد الملك سعود -رحمه الله- وفي الخامس من ربيع الأول سنة 1375هـ ألقى جلالة الملك سعود -رحمه الله- خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها والده الملك عبد العزيز -رحمه الله، وبدء العمل في 4 ربيع الثاني عام 1375هـ، وذلك بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تقدير أثمانها، وتعويض أصحابها، وتضمنت هذه التوسعة بناء ثلاثة طوابق: الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول، مع بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، وصار بئر زمزم في القبو، وقد زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل.
كما واصل الملك فيصل -رحمه الله- إنجاز توسعة المسجد الحرام حيث تمت إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعة للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري، وذلك عام 1387هـ كما وجه -رحمه الله- ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك في عام 1391هـ.
كما قام الملك خالد -رحمه الله- بإتمام ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام، وبدأ ذلك في السابع من رجب عام 1396هـ، حيث تم افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، وذلك عام 1397هـ وتوسيع المطاف سنة 1398هـ، وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة جلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين في الظهيرة.
وكانت توسعة الملك فهد -رحمه الله: في عام 1403 حيث أمر الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- بنزع ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، وتعويض أصحابها، وفي عام 1406هـ أمر -رحمه الله- بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، ولم يكن يستفاد من السطح إلا لأعمال الكهرباء، وكانت شبكات الكهرباء المنتشرة في مواضع متفرقة من السطح تعيق المصلين، فأمر أن تجمع جميع شبكات الكهرباء في قباب جميلة، وقد بلغت مساحة السطح 61 ألف متر مربع، يتسع لـ90 ألف مصلٍ، وكان من قبلُ غير مهيأ للصلاة فيه، كما أمر بإنشاء 5 سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ لتسهيل الصعود والنزول إلى السطح والطابق الأول، وبناء 5 جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال، وفي يوم 2 من شهر صفر عام 1409هـ في حفل كبير وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وذلك بعد أربع سنوات من انطلاق العمل في توسعة المسجد النبوي؛ ليجري العمل في التوسعتين في وقت واحد.
ويقع مشروع توسعة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في الناحية الغربية، بالمنطقة التي كانت تُعرف بالسوق الصغير، الواقعة بين باب العمرة وباب الملك عبد العزيز، وقد تم المشروع على مراحل عدة نظرًا لضخامته وتوالت المراحل.
وشارك الملك عبد الله -رحمه الله- بمشروع كبير شمل الحرم والمطاف شمل عدداً من عقود الصيانة والتشغيل والنظافة وسقيا زمزم بالحرمين الشريفين وأعمال الإشراف على تلك العقود، وبرامج تقنية المعلومات، ورخص أنظمة التشغيل وقواعد البيانات، كما تم اعتماد عدد من المشروعات الأخرى وتأمين فرش جديد للحرمين الشريفين واعتماد مشروعين لمصنع كسوة الكعبة المشرفة تتضمن استبدال مصبغة مصنع كسوة الكعبة المشرفة وتحديث نظام إطفاء الحريق بالمصنع، وإنشاء مستودعات للرئاسة ومبنى لمركز التدريب، وبعد اكتمال هذه المشروعات تصبح الطاقة الاستيعابية للحرم أكثر من مليون ومائتي ألف مصلٍ تقريبًا، وتشتمل على أحدث وأرقى النظم الكهربائية والميكانيكية وهي مشابهة للطراز المعماري الحالي للمسجد الحرام ومتناسقاً معه.
المسجد النبوي
ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم قام بزيارات دورية متتالية للمدينة المنورة، وأكد -رعاه الله- أهمية الحرص على متابعة العمل في مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي والمشروعات المرتبطة بها التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتى أرجاء العالم، وكذلك خدمة أهالي مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوارها.