مشعل الحارثي
تحل علينا الذكرى التاسعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وتوليه مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، لتعيد إلى الأذهان قصة وملحمة البناء والتنمية لهذا الوطن الشامخ الذي كان -حفظه الله- أحد أركانها والمشاركين في ملحمتها المظفرة من خلال ما تولاه واطلع به -حفظه الله- من مسؤوليات واهتمامات وما تحقق على يديه من منجزات ونقلات تنموية كبيرة كان في مقدمتها وعلى رأسها توليه لإمارة منطقة الرياض لأكثر من (40) عاماً، وقد أشار الأديب الشاعر الأستاذ أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري عن ذلك وقت أن كان أميراً لها فقال:
وهذي رياض الملك أنت أميرها
بعهد الصبا حتى علاك قتير
أجل أنت يا (سلمان) إنسان عينها
ورونقها الزاهي وصوت جهير
تحل أموراً مدلهم مصابها
وتهدي لرشد إن عدت وتشير
وعن قصة هذا العشق المستديم في نفسه يقول -حفظه الله- عندما كان أميراً لها في مقال بعنوان: «عندما أغيب عنها»: «لا أدري لماذا اخترت هذا العنوان، فأنا لا أتخيل نفسي بعيدًا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودًا فيها، فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ، الماضي والحاضر، العمل والمستقبل، الأمل. منها قام والدي المغفور له الملك عبد العزيز بوثبته العملاقة الكبرى التي غيرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية حينما وحَّد شتات هذه الأقاليم التي لعب الجهل والتخلف والإقليمية أدوارًا كبيرة في تمزيقها وتفريقها حتى جاء البطل ليصنع من هذه الأقاليم أعظم وأقوى وأرسخ وحدة في تاريخ العرب الحديث: المملكة العربية السعودية. فيها وُلدت وترعرعت وتربيت على يد الملك العظيم القائد الذي غرس في قلبي وقلوب أبنائه حب الوطن والتفاني من أجله».
ويضيف حفظه الله قائلاً: «كل قرية ومدينة في بلادي عزيزة وغالية ولها في نفسي أسمى مكانة وأرفع موقع. إن مسؤولاً بمثل مسئوليتي لا يستطيع، ولو للحظة أن يكون بعيدًا عن مدينته حتى لو كنت جسمانيًا غائبًا عنها، فهي تعيش وأعيش معها وهي أمام عيني في كل لحظة وإذا اضطرتني ظروفي إلى مغادرتها مده تقصر أو تطول، فأنا دائم التفكير فيها ولها كثير من الشوق، وأنا حريص على سرعة العودة لمتابعة شئونها والإشراف على تطويرها عن قرب ومعالجة الأمور فيها».
ولن ينسى التاريخ لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أثره الكبير والواضح في هندسة وتعمير وتطوير العاصمة الرياض، وعن ذلك يقول الشاعر سعد الحميدين في قصيدة له عن مدى محبته وعشقه للرياض وتعلقه الكبير بها وشوق الرياض هي الأخرى له فيقول:
وإذا السائل يوماً قد سأل
من بنى هذا ومن شد الهمم
قيل (سلمان) رعاها وأجبى
لرياض الخير أصناف النعم
جامعات ناطحات في الفضا
ومشاريع لترسيخ القيم
جعلت منها شعاعاً ساطعاً
للثقافات وداراً للحكم
أنت يا (سلمان) إن غادرتها
هي في شوق وتوق وندم
فإذا عدت إليها مشرقاً
يبسم الأفق وينزاح السقم
ولم يتوقف عطاء خادم الحرمين الشريفين عند محطة الرياض فقط بل في سجله ومسيرته -رعاه الله- الكثير من الاهتمامات والمسؤوليات والمنجزات، ومنها اهتماماته الإنسانية وإقامة الجمعيات والمؤسسات الخيرية ومواقفه الإسلامية الرفيعة وعلى رأسها لازلنا نتذكر مشروعه الرائد لدعم نضال إخواننا في فلسطين بعد نكبتهم التاريخية ووقفته مع المجاهدين والمناضلين في سبيل الله، نصيراً ومؤيداً، ومعيناً، وفي ذلك يقول الأديب والشاعر والإذاعي الراحل مطلق مخلد الذيابي:
مني إلى زين الشباب تحية
لابن الأشاوس فخرنا (سلمان)
حمل الأمانة للذين تضرروا
وأضاف من يده ندى الإحسان
وهو الذي رفع الشعار لنصرة الـ
ـعربي من غدر اللئيم الجاني
(ادفع ريالاً يا أخي تنقذ به
من شردته عصابة الشيطان)
للثائر العربي للأقصى الذي
ما زال رهن مخالب السجان
ولمن تشرد مكرهاً عن داره
وحسى كؤوس القهر والحرمان
وكونه -حفظه الله- يعد أحد المراجع المهمة في كل ما يتعلق بتاريخ المملكة والجزيرة العربية، فكان وراء قيام (الدارة) هذا الصرح التاريخي الثقافي التوثيقي المهم والذي يشرف برئاسته -رعاه الله- لمجلس إدارته منذ إنشائه وحتى الآن، وفي ذلك يقول الأديب والشاعر الراحل عبدالله حمد الحقيل:
(سلمان) دمت موفقاً ومسدداً
لك في القلوب مكانة تتألق
لك في النفوس محبة ومكانة
تبدو على كل الوجوه وتشرق
فوهبت للتاريخ أجمل صفحة
وجلوتها فازدان فيها المنطق
وهذه الومضات السريعة فقط تمثل بعضاً من منجزاته وعطائه وعمله الجاد والدؤوب -حفظه الله- في خدمة دينه ووطنه وأمته والتي تحتاج لعرضها وغيرها من المنجزات الأخرى إلى عشرات الصفحات والصفحات وليس هذه المساحة المحدودة، إلا أننا في هذه المناسبة السعيدة على قلوبنا نقف بكل اعتزاز وفخر ونردد مع الشاعر قوله:
سر يا (أبا فهد) فعزك عزنا
وامخر عباب المجد يا ربان
ها نحن عن يمناك نهتف في الورى
الشعب أنت وكلنا (سلمان)
نعم نحن اليوم وكل يوم سنردد هذه الأبيات مع قائلها ونقول كلنا سلمان ومحمد ونجدد لمقامكم البيعة والعهد والولاء، كما نتوجه بخالص الدعاء إلى المولى عز وجل بأن يحفظكم وولي عهدكم الأمين ودرعنا القوي المكين سمو الأمير محمد بن سلمان سائلين الله أن يديم عزكم ويؤيدكم بنصره ويوفقكم دوماً لما فيه الخير وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار.