م .عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - من الفطرة البشرية أن يحس كل فرد أنه مركز العالم.. لكن مع محكات التجربة.. يطرد الإنسان هذا الإحساس الفطري.. ويحل محله الإحساس الواقعي بأنه فرد من هذا المجتمع لا مركزه.. والحقيقة العلمية أن الفرد - كل فرد - لم يطرد ذلك الإحساس بكليته من نفسه، بل قسمه إلى ظاهر وباطن.. أما الظاهر فهو ما يقبله كحكم عادل وأنه فرد بين مجموع.. إن لم يكن عن قناعة تامة فهو خشية أن يسبح ضد التيار فيعد مختلاً.. والحس الباطن هو حب الذات وأنانيتها.. ويبين هذا في أن النفس تحب العاجل وتستدني الخير وتستبعد الشر وتبرر لخطئها وتكذب للدفاع عن نفسها.. بل يمكن أن ترتكب جناية لحماية ذاتها.. من هنا فالفرد ومن ورائه الجموع تحت سيطرة الفطرة وهي أنها ترى نفسها في الوسط وأن الآخرين هم المتطرفون.
2 - التطرف لا علاقة له بالانغلاق الذهني أو الثقافي أو العلمي أو المستوى المعيشي ودرجة التمدن.. بدليل أن كثيراً من الشباب المسلم المتطرف مثلاً هم من سكان أوروبا التي ولدوا وعاشوا فيها، حيث الانفتاح والديمقراطية والمعاصرة وليسوا من سكان مواطن آبائهم الأصلية في آسيا وإفريقيا حيث القمع والفقر ومرافقاتهما.. فالتطرف حالة ذهنية جاهزة للتأجيج لو وجدت مُشْعِل الفتيل.. ورغم أن خطاب التطرف جاذب للوهلة الأولى لأي فطرة.. لكنه يُستبعد فوراً حينما يتعرض لمحاكمات العقل والأخلاق أو قوة النظام.. إلا لدى قلة.. وهؤلاء القلة لهم دوافعهم الشخصية من فكرية أو اجتماعية أو نفسية.. وهم يتحركون في المجتمع كالفتيل في انتظار مُشْعله.. ودور الدولة والمجتمع هو قطع الصلة بين ذلك الفتيل ومُشْعله.
3 - عرّف الغرب التطرف بأن تكون إقصائياً وأن تعادي كل من يخالفك.. أما الإرهابي فهو من يأخذ هذه المعاداة إلى حدها العنيف حتى القتل.. ويرون أن التطرف درجات وله عدة قياسات سواء في بيئته أو في خارجها.. فدرجة الحرية الشخصية المعتدلة في السويد على سبيل المثال تبدو متطرفة في أفغانستان.. ودرجة حرية الرأي المعتدلة في أمريكا سوف تعتبر متطرفة في كوريا الشمالية.. وهكذا.
4 - التشدد مرحلة أولى للتطرف.. والتطرف مرحلة أولى للإرهاب.