سمر المقرن
ها هي المعلمة الداعشية خرجت عبر مطار الملك عبدالعزيز بجدة إلى تركيا فسوريا لتلحق برفاق الجماعة، وهي مطلقة ومعها ثلاثة أطفال، هل هذه الداعشية معها تصريح من ولي أمرها بالسفر؟ الله أعلم! هل الأطفال الثلاثة لديهم تصريح بالسفر؟ الله أعلم.
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تخرج فيها نساء بدون تصاريح أولياء أمورهنّ سواء إلى داعش أو إلى غيرها. ما أود قوله هنا إن المرأة التي لديها مصيبة لن يمنعها من مغادرة البلاد تصريح من عدمه، ومن تضع في ذهنها الخروج بلا تصريح ستخرج وكم من مرة ومرة شاهدت بعيني وسمعت بأذني عن فتيات ونساء يسافرن بلا تصاريح، مع ذلك ومع كل هذه الحالات والأحداث ما زالت القوانين تقف حجر عثرة باسم المحرم في طريق سفر المرأة، وتضع موافقة المحرم لتسهيل ابتزاز النساء من قِبل -بعض- المحارم ومساومتهن، أو حتى فرض حظر السفر عليهنّ باسم التسلّط، وحبًا في ممارسة القمع للمرأة، فكيف لامرأة ناضجة في الثلاثينات أو الأربعينات أو حتى الستينات من عمرها وهي مستقلة اقتصاديًا وتحمل على أكتافها كافة الالتزامات المادية والمنزلية والحياتية لأسرتها وتجعلها القوانين أسيرة لموافقة المحرم إن أرادت أن تخرج لتشم هواءً نقيًا خارج البلد وتأخذ حقها في الترفيه المشروع، لأن من ستسافر للترفيه غير المشروع أو لأي سلوكيات غير مشروعة لن تنتظر تصريح المحرم والداعشيات أكبر مثال وأبلغ دليل!
إن قضية موافقة المحرم على سفر المرأة تعتبر من أكبر القضايا التي لم تتطور، وهي تحمل شقين: ماديا ومعنويا.. المادي لا يكفي كتاب كامل لتدوين قصص الابتزاز والتسلّط التي يُمارسها -بعض- المحارم بهدف قمع المرأة أو استغلال أموالها. أما الجانب المعنوي فهو ما يؤلم من مناصرة هذه القوانين للرجل المتسلط والنظر إلى المرأة في الصف الثاني وعدم منحها حقوق المواطنة الكاملة. وللاستزادة فإن كافة بنود الاتفاقيات الدولية تنص على حق الفرد في الحصول على حق السفر والتنقل، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي كانت المملكة جزءاً من مكوناته منذ بداية تأسيس بنوده.
إن قوانين السفر المجحفة بحق المرأة ليس لها مبرر طالما أنه لا يوجد موانع أمنية من سفرها، فلماذا التشكيك بها وهذا يدخل في الشق المعنوي الذي ذكرته أعلاه، فبمجرد الشعور أنها محجور عليها حتى وإن كان محرمها لا يُمانع من سفرها ومنحها تصريحا طوال مدة سريان الجواز، إلا أن الفكرة بحد ذاتها يجب أن نتجاوزها في وقت رفعت فيه النساء السعوديات رأس المملكة داخليًا وخارجيًا، ووصلت فيه المرأة إلى مناصب ومواقع إدارية تحدد فيها مصير مؤسسات ومئات الأشخاص، بل هي في مجلس الشورى تحدد بدراساتها ومقترحاتها مصير البلد برمته، لكنها في الوقت ذاته ممنوعة من اتخاذ أبسط القرارات التي تخصها مثل السفر والتنقل!