جاسر عبدالعزيز الجاسر
إذا كان هناك من لا يزال يحتفظ بذرَّة تعاطف للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، فلابد أنه قد لفظ ذلك التعاطف بتقزز وهو يشاهده يرقص في قفص الاتهام، وهو ماثل أمام القاضي عندما وصل إليه نبأ اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، وبعد وصلة الرقص يمرر كفه على رقبته إشارة إلى نجاح إرهابييه في تنفيذ قتل رجل القضاء المصري.
تنفيذ الأعمال الإرهابية وقتل القضاة صفة لازمت جماعة الإخوان المسلمين، ومرسي واحدٌ منهم، وقد دشن ما سمي بالحرس القديم بجماعة الإخوان المسلمين عهد قتل القضاة في مصر على يد الإخوان المسلمين منذ عام 1948 حينما قتل أحد أفراد الحرس القديم من جماعة الإخوان القاضي أحمد الخازندار.
اغتيال المستشار هشام بركات عمّق المواجهة بين المصريين كافة وجماعة الإخوان المسلمين، فالمستشار بركات ينتمي إلى طبقة من المجتمع يجلهم المصريون ويحترمونهم كثيراً، فالقضاة في مصر مبجلون ويحظون بالتقدير الذي يصل في كثير من الأحيان إلى القدسية، لأن القضاء في مصر قضاء عادل منزه استطاع وعلى مراحل عدة من تاريخ مصر المحافظة على استقلاله، ونأى عن السلطات الأخرى، ولهذا فإن ارتكاب جريمة اغتيال أحد قادة وكبار القضاء، المدعي العام الذي يصف في الدول المتقدمة والنامية بأنه محامي الشعب، يباعد كثيراً بين الشعب المصري وجماعة الإخوان المسلمين، وإذا كان الإخوان قد بدأوا معركة اغتيال القضاة قبل ذلك حينما أردوا ثلاثة قضاة في العريش في منتصف شهر مايو/ أيار في محاولة اعتقد الإخوان بأنهم يرهبون القضاة ونواب المدعي العام، وبعدما وجدوا إصرار وصمود القضاة اتجهوا إلى المدعي العام نفسه، وهو الشخص الذي اكتسب احترام المصريين لتحريكه للعديد من القضايا الملتبسة، والتي لم يقترب منها أحد لحساسية الأشخاص المتورطين بها، ومنهم الرئيس المعزول محمد مرسي وقادة الإخوان المسلمين، حيث كشفت التحقيقات التي أشرف عليها النائب العام هشام بركات شخصياً عن أفعال وتجاوزات لم يتوقع أحد أن يُقدم عليها رئيس الجمهورية، وهو رأس الدولة، وقادة الإخوان الذين لم تكن لهم مناصب رسمية إلا أنهم قاموا بأفعال أضرت كثيراً بالدولة المصرية، وأباحت أسرارها، بل وحتى التفريط بالسيادة المصرية، والتراب المصري ومرسي لم يكتف بالتخابر مع دولة عربية وفصيل مليشياوي فلسطيني، بل تعدى ذلك إلى تزويد مليشيات عميلة للنظام الإيراني بأسرار وملفات الأمن المصري القومي والسماح لضباط الحرس الثوري الإيراني بالاطلاع على ملفات بالغة السرية، وجميعها جرائم وأفعال لا يمكن أن يقدم عليها موظف بسيط وليس رأس الدولة، وإذا قام القضاة ونواب المدعي العام بالوصول إلى هذه الحقائق، لا يمكن أن يتقبل المصريون أن ينتقم منهم الإخوان المسلمون بقتلهم والتهديد بمزيد من الاغتيالات؛ لأن القضاة - نواب المدعي العام قاموا بواجبهم وحرصوا على تحقيق الأمن المصري في حين فرط من ائتمنوا على سلامة الوطن، ولهذا تكون جريمة مرتكبي الاغتيالات جرائم مركبة؛ مما يستدعي سرعة القصاص منهم، فهؤلاء المجرمون استسهلوا قتل المصريين بدءاً بالضباط والمجندين من أبناء القوات المسلحة والشرطة واستهداف الأبرياء من امصريين البسطاء بوضعهم للقذائف والمتفجرات في وسائل النقل من قطارات و»مترو» ووضع السيارات المفخخة على ناصية الطرق لقتل أكبر عدد من المصريين.
توحش وتمادي الإرهابيين في مصر واحتواء جماعة الإخوان المسلمين لجماعة الإرهابيين تتطلب تحركاً سريعاً ومضاداً من قبل الدولة المصرية التي عليها تجاوز ادعاءات وانتقادات من جماعات حقوق الإنسان، فالشهداء والمتضررون من إرهاب إخوان المسلمين أيضاً لهم حقوق، وتأخير القصاص ممن اغتالهم يعد انتقاصاً لحقوق الإنسان.