تراجع المخزونات الأمريكية وتعافي الطلب يقودان أسعار النفط للصعود ">
إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
بفعل الفائض في المعروض، وتزايد المخزونات الأمريكية، وتوقعات ضخ كبير من مصادر خارج أوبك، انحدرت الأسعار العالمية للنفط خلال الشهور الماضية من مستويات 107 دولارات في 2014م إلى أدنى مستوياتها حتى لامست 44 دولاراً خلال يناير الماضي من هذا العام 2015م.
وتمثّلت مسببات تراجع أسعار النفط، في زيادة المعروض وتكون فوائض كبيرة، بالإضافة إلى الإنتاج العشوائي والمفرط للعديد من الدول سواء من داخل أوبك أو من خارجها، ثم حالة الركود الاقتصادي التي ضربت كثير من دول العالم، وخاصة في الدول الآسيوية الكبرى، فضلاً عن تزايد المخزونات الأمريكية وخاصة مع بدء خروج البدائل للنفط التقليدي إلى السطح، يضاف إلى تلك الأسباب، ضخ النفط الجديد في شمال العراق واستعادة أجزاء من ليبيا وبوادر الاتفاق النووي مع إيران.
كل هذه الأسباب، دفعت إلى تعملق العرض في ضوء تراجع الطلب، واستمر هذا الوضع طيلة الشهور الستة من سبتمبر 2014م إلى نهاية أبريل 2015م حتى وقعت أسعار النفط في قاع الـ44 دولاراً.
وعلى الرغم من حالة التذبذب التي تتصف بها أسعار النفط العالمية، إلا أن الاتجاه العام طيلة الشهور الستة من أكتوبر 2014م إلى أبريل 2015م كان اتجاهاً نزولياً واضحاً، وبدءاً من مايو الماضي، بدأ الاتجاه النزولي يأخذ مساراً آخر صعودياً، حتى قفز فوق الـ 55 دولاراً، ثم فوق 60 دولاراً مؤخراً، وتوجد العديد من المحفزات لتعافي أسعار النفط خلال الفترة الحالية، أهمها ما يلي:
أولاً: إعلان معهد البترول الأمريكي عن التراجع المطرد في مخزونات الخام الأمريكية من مستوياتها المرتفعة القياسية في وقت سابق هذا العام.
ثانياً: الإعلان عن انهيار حاد مفاجئ في عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة، بشكل ترك تأثيراً على معدلات الإنتاج من ناحية، وترك تأثيراً نفسياً واضحاً على المستهلكين.
ثالثاً: الشكوك التي تحيط بإمكانية التوصل لاتفاق نووي مع إيران تعطي زخماً واضحاً لاحتمالات تراجع المعروض من النفط الإيراني.
رابعاً: تلاشي الفائض الكبير الذي تكون خلال النصف الأول من 2014م بفعل الضخ العشوائي من العديد من الدول خارج أوبك.
خامساً: التراجع القياسي في إنتاج المملكة بشكل تضاءل معه مستوى الطاقة الإنتاجية الفائضة، مما يترك فعل تعطيش للسوق من أي طاقات فائضة كبيرة.
سادساً: بدء ظهور ملامح تعافي الطلب بالاقتصاد العالمي بفعل حالة الانتعاش التي تعيشها العديد من الاقتصاديات الآسيوية الكبرى.
وتؤكّد العديد من التقارير الدولية الحديثة، أن أسعار النفط وصلت لقاع الهبوط بالوصول إلى مستوى 44- 45 دولاراً، ولا يوجد هبوط آخر لها في هذه الدورة النفطية، وفنياً من المتوقّع أن ترتفع أسعار النفط العالمية في الشهور القليلة المقبلة بعد موجة الهبوط العنيفة التي شهدتها الشهور الستة الماضية، بل إن بعض التوقعات الآن تسير في طريق حدوث ارتفاع عنيف نتيجة تزامن عوامل تحفيز الطلب على النفط مع عوامل انحسار المعروض التي بدأت تلوح في أفق الصيف الحالي.. حتى إن البعض ذهب إلى توقعات بالعودة لمستويات الـ100 دولار من جديد مع نهاية الفترة المتبقية من هذا العام.
هذا وينبغي التنويه، بأن منتجي النفط لا يرغبون في أسعار عالية تناهز الـ 100 دولار من جديد، لأن ذلك يضر بصناعتهم النفطية بحيث يسمح بدخول منتجين ما كان يمكن أن يدخلوا إلا في ظل الأسعار المتخمة.. وتتعلّق الأنظار بتعافي أسعار النفط والوصول إلى مستويات عادلة عند 70-80 دولاراً بحيث تقدم السعر العادل، وتحفظ السوق من منتجي النفط العالي التكلفة من خارج أوبك، بما يمنع من إنتاج كميات جديدة تفوق الحاجة.. ونعود من جديد لدورات الهبوط الضارة.