ناصر الصِرامي
يمكنك أن تنظر إليها من أي جانب، سواء كانت مزورة أو حقيقية، أو مبالغاً فيها، وبلا مصداقية.. أو حتى اعتيادية في المحتوى، لكن الأخطر في عمليات التسريب، هو الاختراق للأنظمة الأمنية الافتراضية، وهي عمومًا عمليات استخباراتية، تهدف للأضرار بالسمعة العامة، وبأشخاص وأمن دول..!!
في اعتقادي أن أخطر ما ظهر في «ويكليكس» المزعومة، هي الأسماء فقط، وهي مجازفة خطرة ومضللة أيضًا. بالرغم من أن كشف أسماء أشخاص أو توريطها في قصة الوثائق المسربة، ليس مشكلة كبيرة، حيث يفترض أن لدى تلك الأجهزة خططًا جاهزة أو اعتيادية للمواجهة وإخفاء عملائها حتى تخبو القصة!
غير ذلك، فكل الوثائق المنتشرة - دون أن تتأكَّد من صحته إطلاقًا- لا تحمل أسرارًا، أو أخبارًا مفجعة، بل هي في حالات تؤكد حق أي بلد في الدفاع عن نفسه سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.. بكل الوسائل المشروعة في عالم السياسة المتحرك..
من الغريب أن «ويكليكس» لم يستطع تقديم تسريبات عن سوريا وإيران مثلاً.. ومن اللافت والمهم أيضًا أن ملايين الوثائق التي قدمها من العالم، لم تؤثر كثيرًا في عالم متحرك بسرعة هائلة ومشبع بأحداث مستجدة وخطيرة لا تتوقف عن المفاجأة والتطور.
إلا أن عشرات آلاف الوثائق المنسوبة للخارجية السعودية التي نشرها موقع ويكيليكس لم تكن أسرارًا بالمعنى المهني للكلمة، بل تأكيد على استخدام المملكة للمال لدعم شبكة نفوذها الإعلامي والسياسي، ويؤكد متابعون لها بدقة أن الأضرار محدودة جدًا حتى الآن.
بل إن جزءًا مما يعد أسرارًا في الوثائق المزعومة- هي معلومات معروفة ومتداولة في الأوساط الإعلامية المحلية. مثل طلب سياسيين وصحفيين وشخصيات معروفة وغير معروفة الدعم من المملكة التي ترد سلبًا أو إيجابًا معتمدة على تقييمها لمدى خدمة صاحب الطلب لمصلحة المملكة. وهو أمر طبيعي تقوم به حتى دولة فقيرة مثل جزر القمر..!
أيضًا ما أظهرته من سعي المملكة إلى مواجهة مد النفوذ الإيراني في المنطقة، لا سيما على المستوى الإعلامي.. وهو أمر طبيعي مقابل ما تفعله إيران في المنطقة عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا..
يكفي أن أشير إلى أن ما يقال: إنها وثائق مسربة، تنشرها بالاتفاق مع ويكليكس جريدة الأخبار اللبنانية الممولة من إيران، والتابعة تحريريًا لحزب الله.
ذهبت لكل الوثائق في موقعها.. والمواقع المتوافرة فيها.. بما فيها المواقع الناقلة مثل موقع المنار وجريدة الأخبار وغيرها من التي تكن عداءً ظاهرًا لكل ما هو سعودي، بل وخليجي.. وعربي.
لم أجد ما يستحق. دولة تعالج مواطنيها، تمنح سلفة للمبتعثين، وتستفسر عن أشخاص قبل زيارتهم للمملكة، طلب تعجيل بإخراج فيزا لزوار البلاد، ومسائل شخصية تتعلق بالعلاج.. الخ... من الإجراءات الروتينية التي تقوم بها السفارات في الخارج..
طبعًا ستجد مواقع ووسائل إعلام تكيف الوثائق المزعومة على هواها.. وتضيف للترجمة شروحات وهوامش وتنعليقات من رأس المحرر، أو الكاتب الحبر.. وتقدمها جزءًا من النسخة الأصلية من تلك الوثائق.. لرفع قيمة تسريب لا ثمن له!
إلا أن الأخطر في نظري ليس المحتوى، بل هو الاختراق نفسه للدفاعات الأمنية لخوادم الموقع، هذا من الجانب التقني..
ومن جانب المحتوى، فقد بدأت تظهر الآن مئات الوثائق المنسوبة على أنها من تسريبات ويكليكس.. وهي عبارة عن خطابات مزورة بشكل سيئ، لتمنح نفسها مصداقية مشوهه، لنشر الشائعات والارجاف، وهو ما يتطلب رفع الوعي العام فقط.. بهذه المرحلة التي أصبح كل سعودي فيها مستهدفًَا..!
وغير ذلك.. استطيع القول:
Wikileaks.. so what..!