حميد بن عوض العنزي
الزيارة المهمة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا تشكل منعطفا بالغ الاهمية من حيث التوقيت والهدف الذي ينطلق من دور المملكة تجاه قضايا المنطقة ويمكن أن تؤتي الزيارة بنتائج مستقبلية تنعكس على المعطيات المؤثرة في ما تشهده المنطقة العربية من أحداث كارثية على الصعيد القومي.
** الزيارة تستمد أهميتها من أبعاد مهمة وليست بالسهلة في الوقت ذاته، الدور الروسي في المنطقة العربية أصبح أكثر تناميا وتأثيرا في ظل ضبابية الموقف الأمريكي، والتأثير الروسي لم يكن ايجابيا في كل الأحوال وكان في كثير من منطلقاته متباينا مع الموقف السعودي، وهذا الخلاف ساهم في تعقيد الأمور ولم تلوح في الأفق ملامح تقارب مؤثر وايجابي، مما يعطي هذه الزيارة زخما تترقب نتائجه كل المنطقة والعالم.
** نحن على ثقة أن الأمير محمد بن سلمان ذهب إلى موسكو وهو يحمل أجندة محددة تجاه القضايا المتشابكة، وأن التفاهم السعودي الروسي له محددات عريضة يمكن أن تكون ذات خطط متوازية باتجاهات متقاربة فيما يخص القضايا السياسية والأمنية في المنطقة والتي تأتي في مقدمتها القضية السورية ونقول تقارب لأن الموقف الروسي مع النظام السوري من الصعب إحداث تغيير جوهري سريع في دهاليزه، لكن التقارب والتفاهم السعودي الروسي يمكن ان يتمخض عنه في المستقبل حلول تحمل توازنات قد تكون جيدة وفي صالح الشعب السوري .
** الجوانب الاقتصادية والعسكرية والتي كان لها نصيب جيد من الزيارة مهمة لكلا الطرفين وفيها رسائل أيضا إلى أطراف دولية أخرى ومن أهمها الجانب الأمريكي بان المملكة قادرة على إعادة مسار العلاقات الايجابية مع كافة الدول وان التنويع الاقتصادي والعسكري أحد أهم المسارات التي ترتكز عليها المملكة في علاقاتها الدولية وهو أمر أساسي لما يمثله الاقتصاد السعودي من أهمية خصوصا في مجال الطاقة وتأثير ذلك على الأسواق العالمية.
** العلاقات الدولية قد تمر بمرحلة ركود وخلافات لكنها سريعة الاستعادة لأن المصالح المشتركة هي اللاعب الأول والمؤثر فيها، وتقوية العلاقة السعودية الروسية إذا ما كتب لها النجاح ستكون مفتاحا لحل كثير من قضايا المنطقة، لاعتبارات مهمة من أهمها أن المملكة من الدول التي ليس لها أطماع توسعية وحريصة على إحلال السلام والأمن في المنطقة والعالم، والساسة الروس يعرفون هذا جيدا، وهو ما نتمنى أن يستثمره الطرفان في إيجاد علاقة جيدة تستهدف المساهمة الجادة في مواجهة الحروب الدائرة بالمنطقة.