د. عبدالواحد الحميد
عندما يحاول تنظيم داعش التكفيري تفكيك الوحدة الوطنية والنيل منها بتفجير مساجد المسلمين الشيعة السعوديين فإن ذلك ليس مستغرباً، فهذا التنظيم الإرهابي الذي يُكفِّر الجميع لا يفرق - كما نعرف بين سني وشيعي ولا سعودي وأجنبي ولا مسلم وغير مسلم، ولكنه يتقمّص دوراً كريهاً يبدو فيه كما لو أنه يتقصّد في هذه الآونة المواطنين الشيعة دون المواطنين السنة في المملكة. وهدف داعش لا يخفى على أحد، وهو محاولة تفتيت الوحدة الوطنية الصلبة التي تجمع أبناء هذا الوطن بجميع مناطقهم وقبائلهم ومذاهبهم.
نحن نعلم أن تنظيم داعش الذي يُكفّر الجميع لا يعترف بإسلام أحد سوى «إسلام» الدواعش! لذلك لم يوفر داعش دماء أتباع التنظيمات التكفيرية الأخرى كالقاعدة وجبهة النصرة وغيرهما، وقد فتك بهم في معارك طاحنة دارت في الشام والعراق. وتنظيم داعش هو الذي يقتل المسلمين السنَّة المدنيين في العراق ويُهَجِّرهم من ديارهم بحجة امتناعهم عن مبايعة البغدادي.
لذلك نقول إن تنظيم داعش حين يهاجم المصلين في المساجد الشيعية إنما يسعى إلى خلق الفتنة بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد وجر بلادنا إلى حالة من الفوضى التي تشبه ما يحدث في أماكن أخرى من العالم العربي والإسلامي التي وجد التكفيريون فيها أرضاً خصبة للانتشار. هم يعلمون أن حالة الفوضى والدمار والحروب الأهلية هي البيئة التي يزدهرون فيها لأن البيئات الآمنة الناهضة السعيدة ترفضهم ولا تقبل بهم، ولذلك يُمْعِنون في تخريب الأوطان والديار!
إن المطلوب من كل أبناء هذا الوطن أن يكونوا بكامل يقظتهم إزاء ما يخطط له أعداء الوحدة الوطنية. فالتكفيريون هم أعداء الجميع، وهم قد يحاولون دغدغة عواطف بعض البسطاء والتغرير بهم، لكن التجربة أكبر برهان وقد أثبتت التجربة أن الدواعش لا يعترفون بأحد سوى إخوانهم الدواعش ولا يعترفون حتى بإخوانهم التكفيريين من أتباع التنظيمات الأخرى!
إن الوحدة الوطنية التي تجمع كل أبناء الوطن لم تأتِ بالمصادفة وإنما هي ثمرة مسيرة تاريخية طويلة وهي في حقيقتها الوعاء الذي يحتضن كل الأطياف في هذا الوطن، ولا يمكن لداعش أو غير داعش أن تخترقها، لكن من حقنا وواجبنا - كمواطنين - في مثل الظرف الراهن أن نتمثّل معاني هذه الوحدة الوطنية وتذكير أنفسنا بما نحن عليه من أمن وسلام وتنمية وضرورة الحفاظ عليها ورص الصفوف في وجه دعاة الفتنة والفرقة.