بدَّد البيان الختامي المشترك الذي صدر في نهاية قمة كامب ديفيد كلَّ المخاوف التي سبقت انعقاده من أن لا تكون النتائج بمستوى التحديات التي تواجهها دول المنطقة، فقد حمل من المضامين والمؤشرات ما يمكن البناء عليها لإبعاد شبح تصاعد المؤامرات وتزايد الإرهاب عن منطقتنا، وأزال كل ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار والسلام فيها.
***
وفي ضوء ذلك، فقد تم التأكيد على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون، وهي شراكة إستراتيجية لبناء علاقات أوثق في المجالات كافة، وخصوصاً التعاون في مجالي الدفاع والأمن، ووضع حلول مشتركة للقضايا الإقليمية، بل إن البيان أشار إلى التزام أمريكا بردع ومواجهة أي عدوان خارجي ضد دول المجلس، وأن هذا الالتزام لا يقبل التشكيك، وهو يماثل الموقف الأمريكي حين غزا صدام حسين الكويت واحتل أراضيها.
***
في البيان أيضاً تأكيد أمريكي حاسم، بأنها على استعداد للعمل على وجه السرعة مع دول مجلس التعاون في حال وقوع أي عدوان عليها لتحديد الإجراء المناسب، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية، وأن الجانبين اتفقا على التصدي لأي أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة، كما أكدت أمريكا سعيها لمنع تزويد قوات الحوثيين وحلفائهم بالأسلحة، مع تأييدها للانتقال السريع في اليمن من العمليات العسكرية إلى العملية السياسية من خلال مؤتمر الرياض.
***
ومن بين القضايا التي كانت مثار اهتمام قمة كامب ديفيد وأشار إليها البيان المشترك، مطالبة الحكومة العراقية النظر بصورة عاجلة في التنظيمات المشروعة لمكونات المجتمع العراقي كافة، وذلك بتنفيذ الإصلاحات التي سبق الاتفاق عليها الصيف الماضي، والتأكد من أن الجماعات المسلحة كافة تعمل تحت سيطرة صارمة من قبل الدولة العراقية، مع التزام دول مجلس التعاون وأمريكا بمساعدة الحكومة العراقية والتحالف الدولي في قتالهم ضد تنظيم داعش، وذلك ضمن مكافحة الإرهاب ومواجهة التهديدات المشتركة.
***
وتحدث البيان عن توافق بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون، مشيراً إلى أن دول المجلس ستقوم بالتشاور مع أمريكا عند التخطيط لأي عمل عسكري خارج حدودها، وبالتحديد عند طلبها المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية، ويأتي هذا ضمن تأسيس الشراكة الإستراتيجية الجديدة بين الجانبين، والتي سوف تساعد على سرعة إمدادها بالأسلحة، ومكافحة الإرهاب، والأمن البحري، والأمن الإلكتروني، والدفاع ضد الصواريخ الباليستية، وتعزيز أمن الحدود والطيران، ومكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وإيقاف المقاتلين الأجانب، ومكافحة التطرف، والعنف بأشكاله المختلفة.
***
ولم يغفل البيان موضوع سوريا، وفلسطين، وليبيا، ولبنان، فقد حدد الموقف من كل منها، بالتأكيد على حل سياسي في سوريا ينهي الحرب ويؤسس لحكومة شاملة، مع التأكيد على أن الأسد فقد شرعيته ولن يكون له دور في سوريا، وأن على الليبيين القبول باتفاق تقاسم السلطة وفق مقترحات الأمم المتحدة، بينما كان الموقف من القضية الفلسطينية واضحاً، وهو ضرورة تسوية الصراع على أساس اتفاق سلام عادل وشامل ودائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة تعيش إلى جانب إسرائيل.
***
هذا بعض ما تم التوصل إليه في منتجع كامب ديفيد، وهناك غيره كثير أشار إليه البيان المشترك، وهو إنجاز لا يمكن إغفال أهميته، ولضمان تفعيله فقد تم الاتفاق على عقد الاجتماع القادم في عام 2016م، بهدف التقدم والبناء على الشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية في ظل ما تم التوصل إليه في هذه القمة، وما يستجد من قضايا يمكن بحثها في القمة القادمة، على أنه يجب التأكيد على أن المهم في هذه التفاهمات الأفعال لا الأقوال.