جاسر عبدالعزيز الجاسر
في الحروب والكوارث البيئية وغيرها من الأزمات التي تعاني منها الدول، تختار المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية التي تعمل على التخفيف من معاناة الشعوب المتضررة، تختار عادة مركزاً ودولة قريبة من الدولة التي تعاني من الحرب أو الأزمة البيئية لتجميع المساعدات، ومن ثم إرسالها بعد ترتيب جهود الإغاثة وتنظيمها، ومنع وصول أي مواد مضرة، سواء ما يؤجج الحرب ويعمل على استمرارها في الأزمات الحربية والحروب، أو مواد غير صالحة للاستعمال الآدمي في الكوارث البيئية.
منظمة الأمم المتحدة ولمواجهة الوضع الإنساني في اليمن بعد انقلاب الحوثيين وانضمام أنصار الرئيس المعزول علي عبدالله صالح لهم، ولكي تضمن إيصال المساعدات الإنسانية من مواد إغاثة ومواد طبية وغذائية إلى المحتاجين، وأن توزع على الجميع دون استثناء أو حصرها على جماعة دون غيرها، وحتى لا تصبح وسيلة يتكسب عبر طريقها تجار الحروب، أقامت منظمة الأمم المتحدة مركزاً لاستقبال مواد الإغاثة في جمهورية جيبوتي، يتم من خلالها إرسالها إلى اليمن. وقد التزمت جميع الدول بهذا الأسلوب الذي يسهل توزيع المساعدات وبصورة عادلة، ومن أوائل هذه الدول دول التحالف العربي والإسلامي. ومع أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز افتتح يوم الأربعاء الماضي مركز الملك سلمان في الرياض لإغاثة اليمنيين، وأمر بمضاعفة المبالغ المخصصة للإغاثة من مليار ريال سعودي إلى مليارين، وأن مواد الإغاثة التي ترسلها المملكة توجه إلى جيبوتي مثلها مثل جميع المساعدات الموجهة لهذا البلد المنكوب بسبب انقلاب وأفعال الحوثيين وأنصار المعزول علي عبدالله صالح. ومع أن المملكة هي التي تقود التحالف العربي والإسلامي لدعم الشرعية في اليمن وحدودها مشتركة مع اليمن وبإمكانها إرسال المساعدات الغذائية ومواد الإغاثة الطبية وغيرها مباشرة، إلا أنها التزمت بتنظيم الأمم المتحدة في إرسال المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة عبر جمهورية جيبوتي.
هذا التنظيم الأممي لم يعجب محرضي الحوثيين على الانقلاب وإحداث الفوضى الذي أدى إلى ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، فقد أعلن ملالي إيران عبر أحد جنرالاتهم رفضهم الالتزام بتعليمات الأمم المتحدة، والإعلان عن إرسال سفينة برفقة سفن حربية لتفريغ حمولتها في إحدى الموانئ اليمنية دون المرور على أي من مراكز الإغاثة الدولية. وهدد مساعد رئيس هيئة الأركان الإيراني من أن التعرض للسفينة سيشعل مواجهة بين القوة البحرية المرافقة للسفينة وأي جهة تحاول اعتراض السفينة أو تفتيشها!
قول الجنرال الإيراني هذا يثير مخاوف من حصول مواجهة بين السفن الأمريكية الموجودة في خليج عدن والسفن الإيرانية المرافقة للسفينة الإيرانية، كما أن هذا الإصرار برفض الإيرانيين تسليم شحنتها لمركز المساعدات الدولية الذي أقامته الأمم المتحدة في جيبوتي يثير شكوكاً ينقلها أسلحة ومعدات للحوثيين مما يؤجج الحرب القائمة في اليمن بدلاً من المساعدة في إيقافها.
الإيرانيون يهددون بتوسيع دائرة الحرب، وأنهم في حالة تعرض سفينتهم للإعاقة أو التفتيش فسوف يهاجمون مواقع في الخليج العربي، وأهدافاً أمريكية في المنطقة، وهو ما يؤكد وصف الرئيس الأمريكي أوباما لإيران بأنها دولة راعية للإرهاب، وأن الخليجيين محقون في القلق منها.