جاسر عبدالعزيز الجاسر
الملف الثاني الأكثر أهمية في مباحثات قادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الأمريكي أوباما، هو الملف النووي الإيراني.
الأمريكيون يقودون الغرب عبر معادلة 6+1 لصياغة اتفاق يقولون إنه يُجرِّد البرنامج النووي الإيراني من إنتاج أسلحة نووية، ويقضي على أي إمكانية لقيام إيران بإنتاج أسلحة نووية، وأن يقتصر الأمر فقط على الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
طبعاً، لا أحد يُصدِّق أن الإيرانيين الذين قطعوا شوطاً كبيراً في تحقيق الاستيعاب العلمي التكنولوجي النووي، وأعدوا جيشاً كبيراً من العلماء والخبراء والمختصين في كل فروع علوم الطاقة النووية، غير قادرين على تصنيع أسلحة نووية، فبعد كل ما قامت به إيران من جهود تواصلت على مدى أكثر من نصف قرن، بدأت منذ حكم الشاه واستمرت وتطورت في عهد ملالي إيران، لا بد وأن يكونوا قد تجاوزوا عتبة التوظيف التقني أو التكنولوجي لاستثماره في تطوير الصناعات العسكرية، ليس فقط في تصنيع الرؤوس النووية والقنابل النووية، بل أيضاً في إنتاج وتصنيع وسائل النقل والتفجير كالصواريخ والصواعق، وحتى الآليات القادرة على حمل الأسلحة النووية، كالقذائف والقنابل والرؤوس النووية، والذي يُتابع النشاط العسكري الإيراني يلمس الإضافات التي تُضاف إلى المعدات والأعتدة العسكرية الإيرانية، وسواء كانت هذه المعدات والأعتدة على مستوى عالٍ، كما تدّعي قيادات التصنيع العسكري، إلا أن الإيرانيين إضافة إلى أفرع الأسلحة لديهم الكثير من المعدات والأعتدة من صواريخ وطائرات وزوارق، وجميع هذه الإضافات صُنعت بحيث تكون قادرة على التعامل مع الأسلحة النووية، فالصواريخ وكذلك بعض الغواصات والبوارج الحربية البحرية، والمهيأة لحمل رؤوس نووية وقنابل من قِبل الصواريخ والغواصات والسفن والدبابات.
إذن، النظام الإيراني له خطوط جاهزة للإنتاج لخدمة التسلح النووي.. مثل هذا العمل يُؤكد أنهم لن يتخلوا عن البرنامج النووي العسكري مهما توصلوا إلى اتفاق مع أمريكا والغرب، قد يتوقف هذا البرنامج عشرة أعوام أو أقل أو أكثر، إلا أن خطوط الإنتاج الأخرى تُواصل عملها وإضافاتها وتطوير مخرجاتها، فهناك عمل مستمر لتطوير الصواريخ والبوارج البحرية والآليات الثقيلة والمدفعية وغيرها من المعدات التي تسند أي برنامج عسكري نووي، وخطوط الإنتاج هذه خارج نطاق المراقبة والتفتيش، وقد رفض الإيرانيون وبشدة مجرد مناقشة برنامج تصنيع الصواريخ.
إذن، ومهما قِيل عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف البرنامج النووي العسكري الإيراني، وأن أمريكا والغرب وإيران سيُوقعون اتفاقاً واضحاً يقضي على إمكانية وقف البرنامج النووي العسكري الإيراني تماماً، إلا أن ما قامت به إيران واستثمرت من خلاله مليارات الدولارات الأمريكية، لتحقيق ما يسعى إليه نظام ملالي إيران الذين يعتقدون بأن امتلاكهم للأسلحة النووية، سيجعل منهم اللاعب الرئيس الإقليمي الأول، وأنهم بهذه الأسلحة قادرون حتى على مقارعة الأمريكيين، وليس فرض آرائهم على الدول المجاورة فحسب.
ولهذا، فإن الرئيس الأمريكي أوباما سيسمع من قادة دول الخليج العربية الواقع الذي وصل إليه الإيرانيون، وأنهم ولمسؤوليتهم في حماية بلدانهم وتأمين شعوبهم عليهم أن يبحثوا ويعملوا بكل السبل لمواجهة أخطار تفشي الأسلحة النووية في المنطقة، فبعد إسرائيل تستعد إيران للحاق بها، وهو ما يفرض على دول الخليج أن تكون مستعدة للتعامل مع أخطار الواقع الذي يحاول أوباما التقليل منه.