يقوم رهان أعداء الإسلام من ممولي داعش وسواها من التيارات المتطرفة.. على الرغبة في (تفكيك) الإسلام من (الداخل).. وهو طموح غريب جداً ومبالغ في (رومانسيته) وتطرفه.. لأن الإسلام ليس هو الحزب الشيوعي السوفياتي الذي استطاع رجل بمثل عبقرية غورباتشوف أن يقوم بعملية تفكيكه والقضاء عليه بوقت قياسي بعد أكثر من سبعين عاماً على وصوله للحكم وهيمنته في أماكن كثيرة من العالم استطاعت ان تقسم التحكم على مقدرات العالم السياسي بين أمريكا والسوفيات.
ليس هكذا يمكن التعامل مع دين عظيم أشرق على الإنسانية وأشرقت به وبإضافاته على مدى ما يقرب من ألف وخمسمائة عام.. وليس لدى ممول داعش وسواها من التيارات المتطرفة أي (إضافة) وليست الصراعات التي نشأت في بلاد الشام والعراق بين طوائف المسلمين بقريبة أو شبيهة بأية صراعات داخل الدين المسيحي مثلاً والتي وصلت به كـ(سلطة) إلى أن يصبح مجرد (فاتيكان).. لأن الإسلام يقوم على أسس وقواعد دمجت بين سلوك الدين والدنيا وشرعت للبشرية نظام أو أفكار موضوعية.
لكن ليس مصادفة أن تنشأ داعش وتريد أن تنشئ دولة الشام والعراق.. لأن هذه المنطقة هي منطقة صراعات التيارات الإسلامية منذ استشهاد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. وهي صراعات جاءت في مجملها مع الذين أسلموا من الشعوب غير العربية بعد اتساع رقعة الفتح الإسلامي الكبير.. وإن كانت هذة الصراعات لا تطال جوهر الدين ولا تشكك في نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ولا تشكك في كتاب الله (القرآن) المنزل عليه.
ولا نريد أن نمضي في الحديث عن خلافات الخلافة وتيارات الشام والعراق لأن هناك من هو أعلم وأقدر منا للحديث عنها.. لكن سوف نحاول أن نقرأ أفكار الحرب الجديدة على الإسلام.. والتي تريد أن تفكك الإسلام كما يتوهم من يمولها ويشجع وجودها.
وفي ظل عدم وجود خلافات جوهرية بين المسلمين.. نجد أن أمثال داعش ليسوا سوى عصابات إرهابية تعتمد على المرتزقة من فلول جيش العراق ومن الأجانب غير العرب ومن العرب الذين هم معروفين بميولهم وأعمالهم الإجرامية وتجارة المخدرات.. ثم من المخدوعين الذين تورطوا دون فهم أو خضوع لميزان العقل والحكمة. لذلك فإن الأعمال الإجرامية التي تقوم بها داعش.. تدفعنا للاعتقاد بأن خلفها فكر شيطاني يقوم على عقيدة تحتفي بـ(الدم) وتتخذه كأدة ووسيلة تتقرب بها وتقدم (القرابين) من خلالها لمن يتعهدها من شياطين يؤمنون بنفوذها وقوتها.. وإلا ما هو مبرر كل هذا القتل المجاني وبمثل هذا العدد الكبير من البشر الأبرياء.
صحيح أنهم يدمجون أهداف قرابينهم العليا بأهداف سياسية ذات غطاء ديني إلا أن هذا الغطاء لم يعد كافياً لتقديم التبرير.. ولم يعد منطقياً حتى للقوى الداعمة لمن هم أمثال داعش من قوى دولية داخل أمريكا وروسيا مثلاً. ولم تعد مقبولة على المستوى الإنساني إلى ينشد السلم والعدل.. وينادي بحقوق الإنسان. إن المنطق يحرضنا على التفكير مرات ومرات.. ويدفعنا لإعادة النظر في مجرى الأمور آلاف المرات.
ويقول الصحفي الفرنسي الذي كان أسيراً لدى داعش لنحو عشرة شهور.. إنه ليس لدى داعش حوارات دينية واهتمامات دينية.. وأنهم غير ملتزمين بأداء الفروض الدينية كالصلوات مثلاً.. والالتزام بحدود الحلال والحرام.. كل هذا وغيره يدفع العقل للمضي بعيداً.. أم ترانا سوف نكتفي بسؤال عريض يقول: بمن تستعين داعش في حربها على الإسلام..؟!.
- عبدالله باخشوين