جاسر عبدالعزيز الجاسر
هذا ما اعتدناه من كل عملاء نظام ملالي إيران في الوطن العربي، ففي جميع الأزمات التي افتعلها عملاء إيران في سوريا والعراق ولبنان وحتى في البحرين نجد أنه كلما توصلت الجهات الساعية إلى معالجة الإشكالات التي يثيرها عملاء النظام الإيراني الذي يسعى إلى توسيع إستراتيجية إثارة الفوضى من أجل إيجاد مدخل للتدخل في الشؤون الداخلية عرقلها العملاء.
ففي لبنان عندما أوشكت الحكومة اللبنانية على حل الإشكالات التي فجرتها تجاوزات عملاء إيران وبالذات حزب حسن نصر الله الذين يفرضون إرادتم بقوة السلاح، تعرقلت حل الأزمة اللبنانية، بل اتسعت بعد أن وسَّع حزب حسن نصر الله تدخلاته ليضم سوريا إلى لبنان، حيث يشارك عناصر الحزب في الأزمة اللبنانية ويتحكم مع ضباط الحرس الثوري الإيراني بسير المعارك هناك.
هذه الحالة تتجسد الآن في اليمن، فبعد أن قاربت الأزمة على الحل بعد دحر الحوثيين في مختلف جبهات القتال، وتفاهم القوى المحلية والدولية على إعطاء الأولوية لجهود الإغاثة الدولية بعد أن وصلت الأوضاع المعيشية والصحية إلى مستويات متدنية تهدد بحدوث كارثة إنسانية مفجعة، وكان المأمول أن تتعاون الأطراف المقاتلة مع نداءات الإغاثة، وهو ما تجاوبت معه قوات التحالف التي أعلنت تجاوبها واستعدادها لتحديد فترات يتوقف فيها القتال لدعم حملات الإغاثة، لكن الحوثيين وأنصار الرئيس المعزول علي عبدالله صالح وبدلاً من أن يسارعوا للتجاوب مع هذه الدعوات الإنسانية، صعدوا من تجاوزاتهم التي يهدف من ورائها تخريب كل جهد لحل الأزمة، فقد ارتكب الحوثيون مجزرة مروعة في حي التواهي في عدن، وذلك بفتح نيران دباباتهم والمدفعية على المدنيين العزل مما أسقط عشرات القتلى، كما استغلوا الوقف الجزئي لإطلاق النار في محافظة تعز للسماح بتلقي المساعدات الطبية والغذائية، وقامت مليشيات الحوثي والقوات التابعة للرئيس المعزول علي عبدالله صالح بهجوم متزامن على القصر الجمهوري ومباني الأمن السياسي والمحافظة ومقرات الجيش والشرطة لتسقط عشرات القتلى، مما أثار الرعب والغضب في تعز التي تتجه جهود المقاومة اليمنية فيها إلى تشكيل قيادة ميدانية لمواجهة إجرام الحوثيين وقوات صالح، خصوصاً بعد استقدام الحوثيين وحليفهم عناصر من حلفائهم من صنعاء وعمران.
وفي محاولة يائسة من الحوثيين لعرقلة الجهود السياسية التي تُبذل لحل الأزمة اليمنية سياسياً بعد الاتفاق على عقد مؤتمر للحوار الوطني لجميع الأطراف اليمنية في الرياض وتحول المملكة العربية السعودية إلى مقصد لقادة الدول ووزراء الخارجية والمبعوثين الدوليين الساعين إلى حل هذه الأزمة، كثَّف الحوثيون من اعتداءاتهم على الحدود السعودية، وأطلقوا قذائف المدفعية على منازل المدنيين في منطقتي نجران وجازان مما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين وهم في منازلهم وبعضهم نيام، ونظراً لقرب المنطقة من الحدود حد التشابك بين الأراضي السعودية واليمنية، فإن نصب مدافع متنقلة والقيام بإطلاق قذائف باتجاه الأراضي السعودية يمكن أن تتكرر رغم أن من يقوم بهذه الأعمال عرضة لاصطيادهم وتدميرهم من قبل القوات السعودية، إلا أن الحوثيين ووفق المخطط الإيراني الهادف إلى تخريب كل الجهود الساعية لحل الأزمة اليمنية، فإنهم سيواصلون أعمالهم التخريبية من أجل توسيع دائرة الأزمة وجعلها أكثر تعقيداً.