قرأت في عدد يوم الاثنين 27 إبريل 2015م افتتاحية صحيفة الجزيرة الغراء للأستاذ رئيس التحرير والتي حملت عنوان: (دروس وعبر من «عاصفة الحزم» وأخرى من «إعادة الأمل « فلقد استطاعت إيران بحيلة ولاية الفقيه، تجنيد فصيل من الشيعة العرب ليحاربوا نيابة عنها إخوانهم العرب، ويدمروا وطنهم بأيديهم، ويحققوا لها حلمها القديم في استعادة إمبراطوريتها البائدة على أنقاضه تماماً كما تسعى إسرائيل لإقامة الهيكل على أنقاض الأقصى، باسم ولاية الفقيه الفارسي يحاربون عنها معركتها بينما هي نفسها في مأمن.
ألم يجد بعض الشيعة العرب من بينهم من يصلح أن يكون الولي الفقيه لهم، وهم أقرب لذلك المنصب الديني الذي ابتدعه الخميني؟.. والحقيقة أن كل ما فعله الخميني أنه أخرجه للحياة، إذ إن الفكرة في أصلها لأحد علماء جبل عامل في لبنان بغرض جمع كلمة الشيعة، وليس لتحقيق مكاسب سياسية لا تمت للمذهب بصلة، بل تضر به ضرراً بالغاً، فأخذ الخميني الفكرة وقام بشيطنتها على النحو الذي نراه اليوم ليرتكب جميع جرائمه باسم المذهب الشيعي ويخلفه في ذلك خامنئي.. أليس الشيعة العرب أحق بمنصب الولي الفقيه بحكم أنهم يتكلمون لغة القرآن، وفي أرضهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهبط عليه الوحي؟.. لو كان الملالي في إيران يعظمون الإسلام لاختفت لديهم تلك الحساسية المفرطة ضد كلمة «عربي» وضد كل ما هو عربي، ولسمّى ظريف ذلك الحيز من مياه البحر الذي يعنيه بالخليج الإسلامي الأوسع أو العربي الأوسع.
لو كانت ثورتهم حقاً إسلامية لوجدنا اهتماماً منهم بنشر اللغة العربية لغة القرآن ولأذنوا لعرب الأحواز باستخدامها محلياً كما هو الحال مع أكراد العراق مع لغتهم الكردية منذ عهد صدام، نحن بحاجة لأن نزيل الغشاوة عن عيون بعض إخواننا الشيعة العرب حتى يروا حقيقة ما أوقعهم فيه الولي الفقيه الفارسي من مأزق يهدد أمنهم ومذهبهم داخل أوطانهم التي ترعرعوا على ثراها، ألا يرون أن من قتلوا باسم ولاية الفقيه في لبنان وسوريا على يد حسن نصرالله أكثر آلاف المرات ممن قتلوا أيام الإمام موسى الصدر؟.. نحن نحتاج لأن نعيد إليهم وعيهم ورشدهم، وتلك مسؤولية الإعلام والمثقفين بالدرجة الأولى.
الحوثيين قد وقعوا عبر ممثليهم على مخرجات الحوار الوطني الذي تبنته المبادرة الخليجية برعاية الأمم المتحدة وهم الذين عادوا وانقلبوا على ما توافقوا عليه مع بقية الأطراف في اليمن، فمن يقف خلف ذلك النكوص الذي تسبب في مآسي اليمن التي نراها الآن؟.. لن تضل العين ولا العقل أن من تسبب في كل ذلك هو إيران.. ليس المطلوب هو العودة للحوار مجدداً فلا معنى لذلك، المهم هو احترام ما تم التوافق عليه في وقت سابق والالتزام به لتمضي المرحلة الانتقالية قدماً حسب خريطة الطريق التي ستصل باليمن وشعبه إلى بر الأمان والاستقرار في نهاية الأمر، ومن ثم الشروع في إعادة بناء اليمن إنساناً وبلداً.. أما العودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى وبداية حوار من جديد فهي عودة لدوامة جديدة لن تنتهي ما دامت إيران تعمل «كعادتها» خلف الكواليس وتخرب وتعرقل، هذا ما يجب الانتباه إليه وعدم إعطاء الحوثيين الفرصة بل يجب إلزامهم بما وقعوا عليه في السابق وإلا فإخراجهم من العملية السياسية برمتها ومقاطعتهم باعتبارهم متمردين يقعون تحت القرار الأممي الأخير بشأن اليمن تحت الفصل السابع للميثاق وبالتالي فإن من يدعمهم أو يتعاون معهم يضع نفسه تحت طائلة القرار.
أن المشروع الضخم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سينقل اليمن إلى مرحلة جديدة من التقدم والرخاء بعد استقرار الوضع الأمني هناك، وتسليم الحوثيين وأنصار علي عبد الله صالح السلاح، واتفاق اليمنيين على التكاتف والتعاون وتغليب مصلحة الوطن، فقبل أن تكون المساعدات من الخارج لا بد لليمنيين من أن يبدأوا بأنفسهم. لذا فأن الاعتبار بعملية الحزم وبعدها إعادة الأمل هي خلاصة تستحق التأمل فيها.
نجوى الأحمد - الرياض - جامعة الأميرة نورة