رقية الهويريني
انضمت سيدة هندية تزوجت سعودياً لمدارس محو الأمية والدراسة مساءً لتتمكّن من تعلّم اللغة العربية ومساعدة أبنائها في التعليم.
تقول تلك السيدة: أمضيت في الدراسة أربع سنوات (سنتين للمكافحة وسنتين للمتابعة) وخرجت من المدرسة كما دخلت برغم تسلّمي شهادة إتمام الدراسة الابتدائية! واضطررتُ لإعادة تعليمي لدى معلمة خاصة!
وفيما تفخر المملكة بتخفيض نسبة الأمية في البلاد من60% في عام1392هـ إلى نسبة متدنية بلغت أقل من 4% في عام 1334هـ. وانحسار النسبة بفضل التركيز على تحجيم المشكلة منذ أكثر من أربعين عاماً، وهو ما تعده الإدارة العامة لتعليم الكبار منجزاً تنموياً في وقت قصير بالنظر إلى تفاوت النسبة! هذا بحسب الأرقام! إلا أن الواقع يبرهن أن الأمية بمعناها الثقافي والاجتماعي باقية ولم تتغيّر كثيراً، فالتعليم لا يعني القدرة على القراءة، وأحياناً الكتابة فحسب؛ ولكنه ينبغي أن يكون موجهاً لاجتثاث الجهل وزرع المعارف والمهارات وإحلال الوعي وتطهير الفكر عمّا علّق به من جهل الماضي!
والحق أن تعليم الكبار في المملكة بشكله الحالي لا يرقى للطموحات طالما ما زال بيننا من يؤمن بالطب الشعبي والكي رغبة بالعلاج، ويذهب للرقاة والمشعوذين طلباً للشفاء، ويزوّج ابنته القاصر من كهل إجباراً، ويلزم ابنه بالزواج من ابنة عمه قسراً، ويرفض أشكال الحضارة سواء بخروج الفتاة للعلم أو ممارسة العمل! ويماثله من يتستر على عمالة أو يخالف أنظمة المرور.
وإن لم تستطع الإدارة العامة لتعليم الكبار نشر الوعي وتوسيع المدارك بين كبار السن ومن فاتهم قطار التعليم؛ فإنها تكون قد أخفقت وفشلت لعدم حصول الفائدة المرجوة من التعليم بمعناه الشامل. فوصول النسبة لأقل من 4% على مدى أربعين عاماً قد لا يكون بالضرورة محو أمية؛ ولكنه حصل بوفاة المسنين الأميين وولادة أجيال جديدة انضمت إلى ركب التعليم، مما ساعد على الوصول لتلك النسبة المتدنية.
وحينما أنتقد الأساليب التقليدية في تعليم الكبار فلا يعني التجاهل التام للجهود التي بذلت في وقت سابق، ولكني أطالب بإعادة النظر في أساليب التعليم عموماً، حتى لطلاب المدارس من الأطفال والشباب، وطلاب المعاهد والجامعات وكذلك تعليم الكبار الذي أتوقع انحساره قريباً وتلاشيه تماماً طالما هو موجه للقراءة والكتابة فقط!
وأجزم أننا نتفق بالتطلع لتعليم نوعي مصحوبٍ بتعلّم المهارات الحياتية والتكنولوجية والفكرية، ليكون التعليمُ بالفعل حصانة للمجتمع من شتى أنواع الاختطاف!