محمد آل الشيخ
قناتا حزب الله (المنار) وقناتهم الأخرى (الميادين) تحاول بكل قوة الدفاع عن الحوثيين في اليمن، وتتبنى خطابهم، وتمجد بانقلابهم على الشرعية.. غير أن الوسائل الإعلامية في هذا العصر مهما حاولت أن تتحكم بالمعلومة التي تروجها، ومهما بلغ العاملون فيها من القدرة على ذر الرماد في العيون والخداع والتضليل ودس السم في العسل، فلن يغيروا الواقع، أو يتلاعبوا عليه؛ فالحقيقة المجردة لم تعد قصرا على هذه القناة الفضائية أو تلك، وإنما أصبحت حقا مشاعا للجميع، لا يستطيع كائن من كان أن يحجبها عن إنسان اليوم.
وخلال حربنا هذه الأيام مع الحوثيين التي هي بالفعل لا هوادة فيها أعود بين الفينة والأخرى إلى تلك القناتين المتهالكتين من حيث المهنية والمصداقية الإعلامية، لأراقب وقع هزائم الحوثيين في اليمن على الإعلام الفارسي المستعرب، فلا أجد إلا إعلاماً متهالكاً فقيراً مرتبكاً، يثير الشفقة أكثر مما يثير الضحك؛ حينها أتذكر المقولة العابرة للزمان والمكان، التي تقول: (لا يمكن أن تحجب الشمس بغربال)، خاصة إذا كان مفروضا عليك أن تحجبها أو أن تتلاعب فيها، كما هي التعليمات -على ما يبدو- لمن يُقبِّضون العاملين في تلك القناتين.
حربنا مع الفرس وأذنابهم في اليمن لم تكن فقط حرباً عسكرية أو استخباراتية، تتطلب أن تعرف أين تضرب الأعداء ومتى وكيف فحسب، وليست كذلك عملاً دبلوماسياً محترفاً يواكب هذه الحرب ويستقطب لها التأييد على المستوى الدولي، وإنما هي إضافة إلى كل ذلك حرب يحتل منها الإعلام بمختلف أشكاله، وبالذات الإعلام التلفزيوني الفضائي، مركزاً متقدماً ومؤثراً؛ فحروب العصر أصبحت تحتاج إلى عاملين مؤثرين في الكسب أو الخسارة هما: (القوة الصلبة-Hard Power) وهي قوة السلاح التقليدية ومستلزماتها، والقوة الثانية هي ما تم الاصطلاح على تسميتها (القوة الناعمة-Soft Power) التي هي الإعلام المتفوق والمؤثر في كل وسائل الاتصال مع الشعوب. وفي الغرب، حيث منهل العلوم والأفكار والاكتشافات والحقائق والنظريات، يعتبرون أن تلازم هاتين القوتين في حروب اليوم أصبحت حقيقة لا يمكن فصلهما عن بعضهما.
ولأن شرعية حزب الله، ذنب ملالي الفرس في لبنان، والتي تتبع لهما هاتين الفضائيتين اللبنانيتين، تقوم وتتمركز على أن هدفها مقاومة إسرائيل كما يزعمون وليس العمالة لإيران، وخدمة مخططها التوسعي في المنطقة، وقد نجح معهم هذا التبرير والزعم المزيف بشكل فعال، ومن خلاله تم التغرير بكثير من البسطاء اللبنانيين والعرب، لذلك حاولوا إقحام (إسرائيل) في حربنا مع الحوثيين في اليمن بالزعم أن إفشال تغول الحوثيين هناك هدفه خدمة إسرائيل؛ أما العلاقة بين خدمة إسرائيل والحرب على الحوثيين في اليمن، فلا يعلم بها إلا ملالي إيران، وعباقرة هاتين القناتين. اسمع -مثلا- ما يقوله أحد المحللين السياسيين في قناة الميادين الذي يقولون إنه كان يتحدث من أنقرة في تركيا معلقا على قصف هذه العصابات ومن وراءها، والمفتئتة على السلطة الشرعية في اليمن والرئيس الشرعي هناك؛ يقول: (لا تُخطئ العين أن قصف السعوديين والخليجيين لأنصار الله في اليمن هو لخدمة المشروع الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة)!. هذا التحليل المتهافت والمغرق في التضليل، والمفتقر للترابط المنطقي بين المقدمات والنتائج، يُشير بوضوح إلى التخبط في الخطاب الإعلامي لدى أذناب إيران العرب، وينم في الوقت ذاته عن مدى المفاجأة والمباغتة التي صدمتهم، فجعلت خطابهم الإعلامي يصل إلى هذا المستوى من التخبط والسذاجة، والذي لا يمكن أن يقنع حتى العجائز في قرى جنوب لبنان!
إن تفوقنا الذي جسدته خير تجسيد (عاصفة الحزم) في مختلف تفاصيلها وخلفياتها، وفي كل المجالات والصعد، وبالذات في الخطاب الإعلامي الذي واكب هذه الحرب بمهنية متميزة، يجعلنا كسعوديين وخليجيين نشعر بالفخر والتفوق، خاصة عندما نقارنه بالخطاب الإعلامي الدعائي والمتكلس لقنوات إيران الإعلامية الناطقة بالعربية. إنه -أيها السادة- الفرق بين مفهوم (الإعلام المحترف) ومفهوم (الدعاية الخطابية الممجوجة). وهذا جانب آخر من انتصاراتنا على أولئك الكهنوتيين الظلاميين.
إلى اللقاء