رقية الهويريني
لم تذهب الزيارات المتبادلة مؤخرا بين زعماء الخليج هباءً، بيد أنها أفرزت قرارات حازمة وصارمة وصادقة وشجاعة؛ حينما استنجد بهم الرئيس اليمني لإنقاذ بلاده المختطفة من الحوثيين فوجدهم على مستوى المسؤولية وأهبة الاستعداد، وقاموا بتوظيف الحزم والإرادة الخليجية التي أنتجت إطلاق «عاصفة الحزم» كنموذج لتعاون استراتيجي خليجي عربي يهدف لتحصين بلادنا من المخاطر المحدقة بها ويحافظ على أمن واستقرار اليمن، باعتبار أن أمن الخليج كلٌّ لا يتجزأ، واستقرار اليمن جزء من هذا الأمن، وتحالف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذه العملية يعكس اجتماع كلمتها في مناصرة الحق، ودفع شرور المليشيات الحوثية المدعومة من قوى إيرانية. ولا شك أن انقلاب الحوثي على الشرعية هو مظهر لاختراق النظام الإقليمي العربي.
والحق أن قرار الغارات التي قامت بها الجيوش العربية لم يأت رد فعل متسرع؛ بل سبقته مبادرات للحوار، وجهود سياسية مكثفة لم تقابلها إلا عنجهية وجحود وعدوان! وبرغم قسوة القرار؛ إلا أنه أعطى الثقة للجيوش العربية لدحر التمرد الحوثي والتهديد الاستراتيجي للخليج، كما أنه فتح صفحة جديدة من التعاون العربي بعدما شاركت قوات عربية تحت مظلة الجيش السعودي الباسل. حيث تكاتفت عشر دول عربية في العملية من بينها خمس دول من مجلس التعاون الخليجي، وهذا يعد تضامناً بحد ذاته بعد فرقة عربية طويلة تخللها تشظٍ في المواقف والقرارات.
وطالما أدت معركة (عاصفة الحزم) مهمتها، ودمرت ضرباتها الجوية مواقع الدفاعات الجوية والقواعد العسكرية التابعة للانقلابيين الحوثيين، وقصفت مخازن أسلحة استولت عليها نفس الجماعة؛ فإننا نحمد الله تعالى أن منح بلادنا الحنكة السياسية والقوة العسكرية ومكّنها بالبأس من الجنود والمعدات، وكللتها الثقة الشعبية بالحكومة الحكيمة، وباركتها الدول العربية والإسلامية، وآزرتها الدول الأجنبية مع عرض تقديم الدعم اللوجستي خلال المعركة.
ولئن اضطرت بلادنا للقيام بهذه المعركة العسكرية الحاسمة؛ فإن الهدف السامي كان لأجل تثبيت الشرعية في اليمن، وإنقاذها من السقوط في هاوية الحرب الأهلية، أو الوقوع فريسة في أجندات خارجية تتطلع لتمزيق المنطقة وتحويلها بؤرة توتر وانفلات أمني.
وفي الوقت الذي نرقب الجهود العسكرية لأبناء الوطن ونباركها؛ ندعو الله أن يوفق جهود الحكومة في نصرة الحق وردع الظلم عن الشعب اليمني، وأن يجنب الشعب الشقيق الفتن، ويعيد للبلد الحزين أمنه واستقراره، ليكون بالفعل اليمن السعيد!