حوار - علي القحطاني / تصوير - حسين الدوسري:
عزا المستثمر العقاري حمد بن محمد بن سعيدان ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن إلى قلة المعروض في السوق، مشددا على أهمية توحيد الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص لتوفير من أجل مواكبة الاحتياجات من المساكن لكافة شرائح المجتمع. وقال بن سعيدان في حوار شامل أجرته معه «الجزيرة» وتناول أبرز القضايا المتعلقة بالشأن العقاري، أن فترة الركود التي يعيشها السوق العقاري حاليا لاسيما في أطراف المدن والأرضي الخام والمنح، مردها ارتفاع الأسعار بالتوازي مع انخفاض القدرة الشرائية لطالبي السكن، مطالبا بضرورة إطلاق شركات مقاولات عملاقة تستطيع حل أزمة السكن من خلال بناء آلاف الوحدات السكنية، لافتا إلى أنه بحسب الدراسات فإن حجم التمويل العقاري المطلوب خلال الفترة المقبلة يقدر بأكثر من 500 مليار ريال تقريبا، وأنهم كمطورين عقاريين يتواصلون مع وزارة الإسكان في بعض المشاريع الخاصة بالإسكان الميسر.. فإلى الحوار:
* كيف تنظرون إلى الوضع في السوق العقاري خلال الفترة الحالية؟
الوضع العقاري يمر بفترة ركود ونحن لا ننكر أن هناك فتورا ونزولا في أسعار الأراضي الواقعة على أطراف المدينة التي يقوم بالبيع والشراء فيها مضاربون ، أما في داخل النطاق العمراني فلم نشاهد أي نزول حيث إن الأسعار متماسكة بسبب قوة الطلب من المطورين على شراء أراضي للمشاريع السكنية والتجارية . ومهما يكن الفتور فإنه يحدث دائما وهذا ما تعودنا عليه منذ عملنا في هذا المجال.
* إلى أين ترون مستقبل الاستثمارات العقارية يتجه في السنوات المقبلة؟
يعتبر الاستثمار العقاري من أفضل أنواع الاستثمار لما يتميز به من خاصية الأمان من حيث استقرار العائد وانخفاض نسبة المخاطرة وقد شهد سوق العقار في المملكة طفرة كبيرة تزامنت مع كثير من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع السعودي والحقيقة أنه رغم هذه الطفرة إلا أن الاستثمار العقاري لا يزال يحتاج إلى مزيد من التطوير عبر تبني عدد من التنظيمات المهمة التي تحقق الفائدة لكل من المستثمر والمواطن على حد سواء.
* ينظر الكثير من الشباب أن العمل في العقار يعتبر سهلا ،كيف تنظرون إلى ذلك؟
العمل في العقار هو مهنتي ومهنة والدي ( يرحمه الله ) وهي مهنة قد يتصور بعض الناس أنها مهنة سهلة وهذا كلام غير حقيقي، والحقيقة أنها مهنة شاقة تحتاج إلى مقومات كثيرة أهمها الصبر والصدق وبعد النظر والقناعة بالرزق ومخافة الله سبحانه وتعالى.
* نسمع كثيرا أن التطوير العقاري يوازي قيمة الأرض..فهل هذا صحيح؟
العمل في مهنة العقار يحتاج إلى مجموعة من الركائز الأساسية التي من أهمها الصدق و الشفافية والخبرات المتراكمة . والمطور العقاري يتكبد مشاق ومصاريف طائلة تفوق قيمة الأرض وتحتاج إلى سنوات من العمل المستمر فالمطور العقاري يقوم بشراء الأرض الخام ومن ثم يقوم بتطوير البنية التحتية لها من تسوية ورصف وسفلته وماء وكهرباء وهاتف وتصريف المجاري والسيول، وكما ترى فكل هذه الأعمال تحتاج إلى مصاريف باهظة للتنفيذ ووقت طويل لأخذ الموافقات والتصديقات من الجهات ذات العلاقة.
* يشتكي الكثير من الباحثين عن السكن من غلاء الأسعار ؟
شكوى الناس في الوقت الراهن من زيادة الأسعار يعود لقلة المعروض ، فالسوق العقاري في المملكة بحاجة إلى زيادة المعروض وذلك بتوحيد جهود القطاع الحكومي مع القطاع الخاص لتوفير منتج عقاري يكون في متناول مختلف الشرائح ،حيث كنا في السابق نشتري الأرض الخام ونقوم باعتمادها من الأمانة ومن ثم نضع تحديدها بالبتر وننطلق في بيعها في مدة لا تتجاوز 6 شهور من تاريخ شراء الأرض إلى تاريخ البدء في البيع ، أما في الوقت الحاضر فقد اختلف الوضع وأصبحت المدة تمتد حوالي خمس سنوات من تاريخ شراء الأرض حتى تاريخ البدء في البيع وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها عرض الأرض على الأمانة للموافقة المبدئية على تخطيطها بعد تقديم الدراسات اللازمة ، وتنفيذ البنية التحتية والتجميلية للمخطط بالكامل من سفلتة الشوارع والأرصفة ومد شبكات الصرف الصحي ومجاري تصريف السيول وعمل الإنارة من تمديد للكابلات الخارجية والداخلية وبناء محطات الكهرباء وتمديدات شبكة الهاتف وتسمية الشوارع ودهان الأرصفة وبناء الحدائق وزراعتها والإشراف عليها، وعدم السماح بالبيع في المخطط إلا بعد الانتهاء من تنفيذ كامل هذه الخدمات ،وبعد الانتهاء من تنفيذ الشروط وبعد الإحالة من الأمانة يتم إعادة المسح وعمل قرارات مساحية لكل قطعة وإدخالها في الحاسب الآلي لتقديمها لكتابة العدل. وكلها أعمال تتطلب وقت طويل مع المقاولين ووقت التسليم مع الأمانة وكل هذا يتم تنفيذه على حساب صاحب المخطط مما يسبب في ارتفاع قيمة الأرض على المواطنين .
* ما هي الأعمال التي تجبرون على تنفيذها عند البدء في التطوير رغم عدم أهميتها؟
في رأينا أن بعض هذه الشروط التي يجبر المطورون بها والتي من أبرزها عمل الأرصفة ودهانها وتشجير وزراعة الحدائق والإشراف عليها وبعض الاشتراطات الأخرى التي توضع في مخطط قد لا يتم البناء والسكن فيه إلا بعد مدة طويلة فتتلف هذه الأعمال وتنعدم عند الشروع في عملية البناء والتعمير ونحبذ تخفيف هذه الشروط لتخفيف العبء على صاحب المخطط وبالتالي على المشتري .
* كيف تنظرون إلى جهود وزارة الإسكان ؟
إننا نبارك المساعي الحميدة التي تقوم بها وزارة الإسكان من خلال ما يقوم به معالي وزير الإسكان من جهد مشكور بناء على تعليمات مولاي خادم الحرمين الشريفين ( حفظه الله ) لإيجاد سكن لشريحة من المواطنين لا نستطيع نحن العقاريين أن نخدمها فالعقاريون ليسوا منافسين للوزارة بل هم مكملون لخطة التنمية ، كما أن الوزارة مشكورة على ما تقوم به من عمل لتنظيم سوق العقار من خلال ما يتعلق التطور في السوق التأجيرية.
* بالنظر لخبرتكم في السوق العقاري ، كيف تنظرون إلى مستقبل العقار؟
العقار في السعودية له مستقبل واعد كما هو الحال في كافة القطاعات الاقتصادية وذلك بفضل الله ثم لما تتمتع به من الأمان والاستقرار ، وما تقدمه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين لتحقيق الرفاهية للشعب بما صدر من ميزانية الخير والبركة لهذه السنة والمشاريع التي تقوم بها الدولة في الإنفاق الداخلي وما يتمتع به هذا الشعب من نمو شبابي هو في حاجة إلى السكن ، إن هذه المشاريع سوف تضخ سيولة في السوق تجعل القوة الشرائية مقبلة على طلب السكن ، كما أن هذه المشاريع والمصانع بحاجة إلى الأراضي.
* ما هي الجهود التي تقومون بها في مجموعتكم لدعم الإسكان في المملكة؟
للسعي لحل الأزمة الإسكانية التي تعاني منها المملكة وتجاوبا مع الخطط الطموحة للدولة اتجهنا في مجموعة شركاتنا إلى إنتاج الإسكان وتسويقه بالإضافة إلى عملنا في إنتاج الأراضي وأسسنا شركتين لهذا الغرض الشركة الأولى وهي ( شركة التحالف العقاري ) بشراكة أمريكية ولها عدة مشاريع بعضها اكتمل وبعضها تحت الإنشاء وهي : مشروع الغروب 1 ويتكون من 200 فيلا تم بيع (56) فيلا وجاري تسويق الباقي، ومشروع مرتفعات الجوهرة ويتكون من 145 فيلا يتم بناؤها على ثلاث مراحل وتم الانتهاء من بناء 56 فيلا للمرحلة الأولى وجاري العمل لاستكمال بقية المراحل ، ومشروع المعالي ويتكون من 269 فيلا ، ومشروع الغروب 2 ويتكون من 350 فيلا الشركة الثانية وهي (شركة حمد بن محمد بن سعيدان وأولاده للتطوير العقاري ) وتقوم حاليا بتنفيذ عدة مشاريع إسكانية منها مشروع دانة الياسمين 1 ويتكون من 42 فيلا تم إنجاز 90 % منها، ومشروع دانة الياسمين 2 ويتكون من 36 فيلا تم إنجاز 80 % منها، ومشروع فلل الرفيعة 1 ويتكون من 40 فيلا جاري استخراج التصاريح لها، ومشروع فلل الرفيعة 2 ( قصر الجوهرة ) عبارة عن شقق وفلل في مرحلة الإعداد، ومشروع لإقامة 24 فلة متنوعة
ثانيا : مشاريع مجمعات سكنية مغلقة لعل أبرزها مشروع مجمع ظلال السكني بالملز ويتكون من 53 وحدة سكنية وفلل دوبليكس تم إنجاز 85 % منها، ومجمع سكني بحي المونسية مكون من 7 عمائر بها 63 شقة تم إنجاز 75 % منها ، مشروع مجمع الازدهار السكني ويتكون من 80 شقة متنوعة بدأ العمل فيها، ومشروع مجمع سكني بحي أشبيليا يتكون من 84 وحدة سكنية ( تحت التصميم ) ومجمع سكني بحي الوصيل يتكون من شقق وفلل وشاليهات ( تحت التنفيذ ) وللشركة عدة مشروعات لإقامة أبراج سكنية في مكة المكرمة ، بالإضافة إلى مشاريع تطوير الأراضي الخام
* ما هو الأفضل للمواطن تقديم قروض عقارية أو وحدات سكنية جاهزة مع تسديد التكلفة بأقساط؟
كل ما يقدم للمواطن فيه مصلحة، ونحن نفضل أن يتم إيجاد شركات كبرى متخصصة في بناء الوحدات السكنية من أجل بناء آلاف الوحدات السكنية، ويحول البنك العقاري القروض الخاصة بكل مواطن لهذه الشركات؛ ليتسنى له تسلم مسكنه، ثم يحسم البنك القيمة على المواطن بالتقسيط تكون في متناول كل شخص يحتاج ذلك السكن.
* يجمع العقاريون على أن الاستثمار العقاري... استثمار آمن... فما رأيك؟
الاستثمار العقاري في السعودية استثمار واعد وآمن، وحجمه كبير والإحصاءات تشير إلى تجاوز حجم الاستثمارات العقارية في المملكة التريليوني ريال ما يجعل المملكة تحتل المرتبة الثانية كأكبر سوق عقارية في العالم , مشيرا إلى أن الأوساط العقارية تقدر حاجة المملكة من الوحدات السكنية بنحو 4,5 مليون وحدة سكنية بحلول العام 2020م، وحجم التمويل الإسكاني بحوالي 117 مليار ريال سنوياً لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المتزايد، كما يعتبر النشاط العقاري بالمملكة عاملا مهما من عوامل الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده المنطقة العربية عموماً، وعلى وجه الخصوص منطقة الخليج العربي التي باتت هي الأخرى من أكبر المناطق استحواذاً على الاستثمار في مجال العقار لحالة الاسـتقرار الذي تعيشه المنطقة وما يلاحظ من تحركات استثمارية عقارية في المملكة يعتبر مؤشراً إيجابياً يمهد لمستقبل استثماري عقاري فاعل يساهم في انتعاش حقيقي لمنظومة الاقتصاد السعودي.
* كيف تنظرون إلى سوق التمويل العقاري في المملكة، وكم تقدرون حاجة السوق من التمويل؟
في ظل زيادة الطلب على التمويل العقاري، نرى أن هناك انخفاضا في حجم التمويل من قبل المصارف. فبحسب دراساتنا فإن حجم التمويل العقاري المطلوب خلال الفترة المقبلة يقدر بأكثر من 500 مليار ريال تقريبا، ولدينا تواصل مع وزارة الإسكان في بعض مشاريعنا الخاصة بالإسكان الميسر، وفي رأيي أن القطاع الخاص هو الجهة التي يمكن أن تساعد على توفير المساكن المناسبة للمواطنين وأسعار تنافسية وجودة عالية، فالقطاع العام مهما كان لن تكون آلياته فاعلة كما هو القطاع الخاص سواء في التنفيذ أو الأسعار. ولكن تظل إشكالية التمويل قائمة لدى القطاع الخاص، فالتمويل لا يزال يعتمد إلى حد ما على قوة المستثمر وعلاقاته.
* في رأيك.. هل هناك فرص في القطاع العقاري السعودي للاستثمار في الوقت الحالي؟
القطاع العقاري السعودي تتوافر فيه حالياً فرص كبيرة خصوصاً في ظل توجه الدولة لضخ مزيد من المساكن في السوق العقارية لصالح ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة، والقطاع العقاري رغم وجود ركود إلا أن الدراسات توضح أن قضية الإسكان تأتي في المركز الأول من حيث الفرص الاستثمارية، حيث إن قلة الشقق السكنية المخصصة للإيجارات تعاني نقصا كبيرا مما تسبب في رفع الأسعار وزيادة التضخم وتحكم الكثير من الملاك في السوق، والكثير من الشركات لا تزال تنتظرا تطورات السوق خلال الفترة المقبلة، من أجل زيادة التوجه الاستثماري في هذا القطاع، والفرصة مواتية لزيادة الاستثمار العقاري الذي عرفت عنه النسب الثابتة من العوائد سنويا، حيث يوفر العقار أرباحا سنوية بنسب تتراوح ما بين 8 إلى 15 في المائة، وهو معقول لاسترداد رأس المال على مدى متوسط يقدر بحوالي عشر سنوات
* كيف تنظرون إلى انخفاض مواد البناء والتي من أبرزها الحديد مع انخفاض البترول؟
أن تراجع أسعار الحديد ومواد البناء سيكون في مصلحة الكثير من المشاريع الحكومية والأبرز منها مشاريع وزارة الإسكان التي ستكون أبرز المستفيدين من تراجع النفط الذي من المتوقع أن ينعكس على الحديد ومواد البناء إلى جانب المطورين العقاريين، مؤكدا أن النفط من الركائز الرئيسة في تحرك ونمو الاقتصاد العالمي، فعندما يرتفع ترتفع معه قيمة مواد البناء والمنشآت وغيرها من السلع المهمة، أما في حال انخفاضه فتتسارع معه وتيرة انخفاض تلك السلع.
* ما المطلوب لجذب الشركات الأجنبية للسوق العقاري السعودي؟
لجذب الشركات الأجنبية إلى السوق العقاري السعودي نحتاج إلى تبسيط الإجراءات وتسهيلها، وضمان حقوق الشركات بعد صدور الأنظمة الجديدة.
* ما رأيك في التكتلات العقارية التي تظهر حاليا بين بعض الشركات والمستثمرين، وهل تؤيد قيام تحالفات بين شركات محلية وأجنبية ؟
بالطبع نؤيد ذلك لأن هذه التحالفات تعود بالإيجاب وتزيد من قوة السوق لدعم الاستثمار والاقتصاد الوطني بشكل عام.
* اتجه الكثير من مستثمري العقار المحليين إلى الاستثمار في دول الجوار إلى ماذا تعزو نذلك ؟
هناك إيجابيات كثيرة من تواجدهم في الخارج ومنها كسب الخبرات العالمية لدعم المشاريع المحلية ونفس الشيء ينطبق على المستثمرين الأجانب والخليجيين الذين يستثمرون في المملكة.
* ما وجهة نظرك حول ما يقال من أن معظم شركات التطوير العقاري تعمل في التطوير التقليدي للأراضي دون تقديم أي قيمة مضافة ؟
التطوير التقليدي مهم لأنه يوجد الأرض ويقوم بخدمتها وتهيئتها وعمل البنية التحتية لها، ثم يأتي مطور آخر يقوم بعمل التطوير النهائي لأن قيمة الأرض وتطويرها تطويرا شاملا يكلف مبالغ كبيرة.
* كيف نحمي الأفراد العقاريين من الاستثمارات غير المدروسة؟
أولا الدولة لا تقصر في حماية المستثمرين على اختلاف درجاتهم سواء بسن الأنظمة الجديدة أو إيجاد المناخ المناسب لإنتاج عمل مميز يؤدي إلى نمو هذه السوق وحفظ الحقوق للأفراد والمستثمرين
وثانيا على الأفراد المستثمرين في العقار حماية أنفسهم بالتأكد ممن يستثمرون معه خاصة التأكد من سابق خبراته وسمعته في السوق وعدم الانخداع بالإعلانات البراقة لاسيما وأن الاستثمار العقاري له انعكاسات سوقية ومشاكل خاصة قد لا يدركها من ليس لديه خبرة سابقة، وعلى المستثمر في أي قطاع عقاري الاطلاع على دراسات الجدوى الاقتصادية قبل الدخول في الاستثمار.