جاسر عبد العزيز الجاسر
إن هذه المرحلة الحرجة في تاريخ المنطقة العربية، الحرجة حقيقة وليس لفظاً كما اعتاد الكتّاب دس هذه الكلمة كلما تأزمت الأوضاع في المنطقة العربية، يجب أن تكون فيها العلاقات العربية - العربية هادئة ودون توتر، وأن يهدأ بالذات الإعلاميون، من الكتّاب والصحفيين ومقدمي البرامج التلفزيونية، ويبتعدوا عن إثارة المواضيع الجدلية التي تؤجج المشاكل.
نعلم، ويعلم الجميع، أن هناك اختلافاً في وجهات النظر، وأن لكل دولة اجتهاداتها، بل حتى استراتيجياتها التي تعتقد أنها تحافظ بها على مصالحها ومصالح شعبها، إلا أن الشيء الذي لا نريده ولا تريده الشعوب العربية أن تُصعَّد الخلافات؛ وتتطور إلى مواجهات كلامية، تتحول بسبب التصعيد إلى مواقف يصعب علاج سلبياتها.
قبل مطالبة إعلاميينا من مقدمي برامج وكتّاب وصحفيين بأن يهدؤوا قليلاً، علينا أن ننبه السادة الوزراء، خاصة الذين يعملون في الشأن السياسي، بأن ينتقوا كلماتهم بدقة وبحذر؛ حتى لا يثيروا غضب الآخرين. وبما أن الكبير كبيرٌ في الدول والأنظمة، كما في الأفراد، فإن الدول التي وضعها قدرها وإمكانياتها، سواء من حيث عدد الأفراد أو المساحة وحتى القوة العسكرية والاقتصادية، يجب ألا تنخدع بعوامل القوة وألا تغتر بما حباها الله من سعة رزق وزيادة في عدد السكان وكِبَر المساحة؛ فكما أن لهذه الميزات من فوائد يترتب عليها أيضاً مسؤوليات، فسعة الرزق تتطلب حسن الصرف وعدم ترك الجيران جوعى؛ حتى لا ينقضوا عليك، وزيادة عدد السكان عبء إن لم تحسن في توظيفهم التوظيف الصحيح لخدمة تنمية الوطن، وكبر المساحة تصبح عبأ أكبر إن لم تستطع أن تدافع عنها.
كل شيء مرتبط بالآخر، والعرب إن تكاملوا أصبحوا أمة قوية مهابة الجانب، وإن اختلفوا وتفرغوا لكيد بعضهم بعضاً وهنوا وضعفت قوتهم.. والأدهى من ذلك أن يتجه كل جانب لخدمة مصالح وأجندات قوى أجنبية، لا تريد الخير لنا جميعاً نحن العرب والمسلمين!
مناسبة القول هذا محاولة دق أسفين في العلاقات العربية - العربية، وبالذات بين مصر ودول الخليج العربية، التي يجب الحفاظ عليها وتقويتها، وأن يحذر الجميع من النيل منها بالتنبيه على من يحاول تأجيج المواقف بين مصر وأي بلد خليجي آخر.
على الإعلاميين أن يكونوا حذرين جداً.. لا نريد أن تتحول القنوات التلفزيونية إلى منصات إطلاق صواريخ محملة بالشتم والتشكيك، وأن تتبادل المحطات التلفزيونية وصلات الردح والتخوين.. فمثل هذا الأسلوب ولَّى عهده، وانقضى أمره، وهو الذي جلب لنا كل الهزائم التي شهدها تاريخنا الذي تحول فيه المذيعون إلى جنرالات حرب من خلف فوهات المذياع!!