جاسر عبد العزيز الجاسر
التداعيات الأمنية والاقتصادية، وحتى الاجتماعية التي أخذت تتزايد في عدد من الدول العربية التي سقطت تحت القبضة الإيرانية كثيرة، إذ لا يكفي كلٌ من سوريا والعراق ولبنان والآن اليمن، أن تشهد تدهوراً أمنياً فحسب، بل تشهد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تدهوراً حوَّل تلك الدول من دول مكتفية اقتصادياً ومتوافقة اجتماعياً، إلى دول محتاجة بل وتحت خط الفقر، وظهر التنافر الاجتماعي نتيجة طغيان العداء الطائفي، وكل هذا نتيجة التدخل والعبث الإيراني في تلك الدول.
منذ وقت طويل والكتّاب والمفكرون وعدد من الساسة والدول تحذر من العبث الإيراني، وتطالب الدول العربية بالوقوف ضد هذا العبث، إلا أن الذي حصل هو تراخي الدول العربية وكلٌ انشغل بوضعه، بل بعض الدول تعاملت مع نظام ملالي إيران ضد المصلحة العربية بل وحتى أمنها الإقليمي، وفي الوقت الذي أخذت إيران تتوسع وتتغلغل من خلال عقد صفقات تحت الطاولة حتى مع الدول التي تصفها بالشيطان الأكبر، فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ليست بأفضل حال من بعض الدول العربية، فبالرغم من العقوبات الاقتصادية الغربية ضد نظام إيران بسبب التمسك بالبرنامج العسكري النووي، إلا أن العديد من الشركات الغربية، وبالذات الأوروبية من فرنسا وألمانيا عادت إلى السوق الإيرانية.
في شهر نوفمبر الماضي زار طهران وفدٌ ألماني من 36 مديراً تنفيذياً للشركات الألمانية، واستُقبل الوفد من قِبل وزير الصناعة الإيراني وكبار المسؤولين، وتم درس عدد من المشاريع وعُقد عددٌ من الاتفاقيات لتطوير العمل التجاري والصناعي بينهما.
أما فرنسا والتي ترغب في تطوير الاستثمارات في صناعة السيارات، حيث عقدَ في الأول من ديسمبر ممثلو شركة «بيجو» الفرنسية اتفاقاً مع شركة إيران خضرو لفتح خط إنتاج لسيارات الشركة في إيران.
أما الشركات الأمريكية فتعمل بجد وبهدوء على توسيع آفاق التعاون مع الشركات الإيرانية، وقد استطاعت شركة كارجل للغذاء في السنة الماضية زيادة حجم تعاملها مع إيران إلى نسبة 40% من خلال زيادة صادرات الحبوب بإنشاء فرع لها في البرازيل يحمل اسم شركة كارجل البرازيلية، يديره موظفون يحملون الجنسية البرازيلية.
الشركات الغربية - الأوروبية والأمريكية - على حدٍ سواء لم يعد خافياً سعيها بالعودة إلى السوق الإيرانية، وبالتالي فهي تضغط على الإدارات السياسية لمعالجة الخلاف مع إيران التي استطاعت أن تُوظف الأوراق العربية، فمن خلال نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تعمل على مقايضة وضعها التفاوضي في محادثات البرنامج النووي، ولتوظيف نفوذها في هذه الدول العربية كأوراق ضغط، من خلال تقديم المصالح العربية على الطاولة لدعم الموقف الإيراني، بعد وضوح التلاعب والخداع الغربي والذين لا يمانعون من غضّ النظر عن كل ما تقوم به إيران من عبث وفوضى في الإقليم العربي، وتوظيف ذلك لمصالحة النظام الذي حوّل المصالح العربية ترساً للدفاع عن نظام ملالي طهران.