تكشفت لنا حقائق لم نكن نعرف مدى دقتها وبعض تفاصيلها لولا الله ثم سحابة الحزن التي عشناها برحيل الملك عبدالله يرحمه الله رحمة واسعة، فرغم حزن شعبنا وبلادنا إلا أنها عرفتنا حجم بلادنا ودورها وأهميتها ووزن قيادتها السياسية، رحيل الملك عبدالله سلط الضوء السياسي والإعلامي على وطننا وجعلنا نعيد قراءة مسيرتنا وسط المعطيات التي تكشفت.
الوفود العالمية التي تدفقت لعزاء الملك سلمان يحفظه الله والحكومة السعودية، من القيادات الأمريكية والروسية والبريطانية والفرنسية والاتحاد الأوروبي، وزعماء آسيا وإفريقيا وجميع دول العالم الذين جاءوا للتعزية وتهنئة القيادة الجديدة جعلتنا نعيد فهم بلادنا، فهذه الوفود لم تأت إلا تقديرا لدور المملكة وقيادتها، وبالتالي يمكن قراءة المشهد على النحو التالي:
تقديرا للدور الكبير الذي قام به الملك عبدالله يرحمه الله زمن حكمه في السياسة العالمية والحضارية والاقتصادي والفكرية، ساهم في الاستقرار السياسي والاقتصادي والسلم العالمي، فبعد أحداث 11سبتمبر 2001م حدث للعالم (طفرة) فكرية ورؤية سياسية حادة كادت تنفلت وتدخل العالم في حروب طويلة، ثم الهزة الاقتصادية 2008م التي أوشكت أن تسقط دولا ومراكز مال واقتصاد عتيدة، أيضا الفوضى السياسية والاحتجاجات بعد الربيع العربي 2010م التي كادت أن تطال أوروبا، كذلك حرب الإرهاب التي جرت الغرب وأمريكا إلى دائرة ضيقة، جميع هذه العوامل كان للملك عبدالله دورا محوريا إيجابيا لذا أكسبته السمعة والشهرة الدولية، والاحترام الكبير لبلادنا.
حرص الزعماء وقادة العالم على التواصل مع الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الجديد لمرحلة جديدة صعبة شاقة، حيث سيخوض مرحلة سياسية حساسة هي مرحلة إعادة الثقة والاستقرار للنظام العالمي، بعد أن أدرك معظم الزعماء وبخاصة في الغرب أن الربيع العربي إذا لم تستقر بلدانه العربية فإن حريق الربيع سيطال بلدانهم، وأن الملك سلمان ودولتنا السعودية التي تحملت ضغوطات العرب بربيعهم هي ضمانة للاستقرار بإذن الله في المحيط العربي.
جاءت الوفود تقديرا للسياسات المالية السعودية أثناء الأزمة الاقتصادية عام 2008م عندما أوشك اقتصاد دول على الانهيار وتهددت أوروبا وأمريكا بانهيار اقتصادي يضر بمؤسساتها، فكانت المملكة مع دول أخرى سباقة لوقف الانهيار.
دور المملكة في المساعدة على فهم حقيقة الإرهاب ورسم الصورة الصحيحة له، حيث كانت أمريكا والغرب وبعض دول آسيا تسير باتجاه واحد مضمونه أن الدين الإسلامي هو وجه وجسد الإرهاب، فعملت المملكة على تصحيح الصورة حتى تأكد أن الإرهاب لا يرتبط بدين ولا بلد ولا طائفة، هي تنظيمات عالمية لها أجندتها وأهدافها، وبذلك تبين للعالم أن الدين الإسلامي ضحية، وأن السعودية هي أيضا ضحية الإرهاب.