عندما يتحدث عنك شخص لا يعرفك بسوء، هو يسيء لنفسه ولا يسيء لك، ومن يستمع لكلامه سيحتقره ويشمئز منه ولن يثق به، ولا يتعاطى معه أو يوافقه إلا من هو مثله من أرذل الخلق.. أما إذا تحدث عنك شخص من أهل بيتك أو من أقرب الناس لك، فتختلف استجابة الناس مع ما يقوله، لأنه بالنهاية منك وفيك وهو الأدرى والأعرف لأنه الأقرب، وتكون مصداقيته مرتفعة لدى الناس. هكذا هي رؤيتي لمن يحاول الإساءة إلى ديننا الإسلامي أو إلى أحد رموزنا الدينية، فإن كان ليس على دين الإسلام فهي يُمثل نفسه، وسيحتقره الناس ويرفضون أفعاله، بينما عندما يسيء للدين الإسلامي من هم من أبنائه فهنا تكون الحالة أكثر إيلامًا، أما عندما يتم استخدام الدين لشرعنه الجرائم والعنف والإرهاب، فهذه هي الإساءة الحقيقية التي تنتظر وقفة صارمة وجازمة من كل شخص غيور على هذا الدين، كما تفعل هذه الأيام ميليشيات داعش، وقبلها أمها القاعدة، وحتى الميليشيات التي تعمل في الجهة المقابلة تحت مسمّى المذهب الشيعي مثل حزب الله، هم أيضًا يشرعنون جرائمهم باسم الدين والعروبة، وديننا وعروبتنا من كل هذه الجرائم براء.
إنّ الدفاع عن الدين لا يكون بالوقوف والغضب على من يخطئ بحقه من خارجه، نعم نحتاج إلى اتخاذ موقف ضد كل من يسيء لهذا الدين، لكن لو نظرنا إلى مواقف بعض المسلمين وردود أفعالهم تجاه الرسومات السخيفة التي نشرتها مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، نجدها أقل بكثير تجاه جرائم داعش وقبلها القاعدة والله العالم بالقادم. مع أنّ هذه الرسوم السخيفة تزيدنا محبة وإيمانًا، بل وتنشر ديننا وتبعث برسائله المتسامحة لكل العالم، بدليل الموقف الإيجابي الذي قام بالتنديد من هذه الرسومات في كثير من الدول الغربية، بينما بعض من أقاموا الدنيا تجاه هذه الرسوم لم يحركوا ساكنًا أمام جرائم داعش في سوريا والعراق، التزموا الصمت وكأنهم في موافقة ضمنية على هذه الجرائم، إذن نحن أمام مزاجية ومصالح شخصية في الدفاع عن الدين الإسلامي، مع أنّ الإساءة له من أبنائه أعظم فداحة ممن يسيء له من الخارج!
بنظري أنّ الاستفزاز الحقيقي الذي يستحق وقفة صارمة هو الإساءة للدين من أهله، وكلامي هذا لا يقلل من الغيرة على الدين أو محاولة لإخباتها تجاه التصرفات المسيئة، إلا أنها تظل كما أراها أقل ضررًا ممن يسيء للدين باسم الدين، ويتعمد على إظهاره دينًا يدعو للعنف وجز الرؤوس وحرق البشر، وهذا كلّه إساءة تعمل على طمس الصورة الحضارية للإسلام، لذا علينا أن نفكر قليلاً، ونتمعن أكثر في هذه المشاهد، وقياس أيهما أكثر ضررًا، وأيهما يستحق منًا وقفة صارمة وقوية؟!
ما أود التأكيد عليه، هو أن الإسلام دين قوي، لا يمكن أن يهتز برسوم تافهة وأقلام سطحية من أصحاب أديان أخرى، أو من أشخاص لا يؤمنون بكل الأديان، بينما تتأثر صورته خصوصًا عند غير أهله، إن جاءت الإساءة من أهله!