رحل الملك عبدالله - رحمه الله رحمة واسعة - وترك لنا بكائية دامعة، توقف النهر الجاري الذي كان يروي عطش دواخلنا بدفء مشاعره، رحل الذي كان بيننا يعيش حانياً يرطب بلادنا بصوته الأبوي وقراراته التنموية الشاملة، هي عشر من السنين منذ أن تولى أمر إدارة البلاد حولها إلى عشر سنوات تنفيذية تشغيلية -أشبة بالخطط العشرية - نحمد الله أنه تم تنفيذ معظمها, نفذها رغم الهزات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العربية والدولية، وكيف أن العالم من حولنا يحترق والملك عبدالله ماضٍ في تنفيذ سنوات العشر التشغيلية.
عاشت بلادنا والملك عبدالله قائدها أصعب أيامها بسبب الظرف الدولي الغامض والهجمة المقصودة على بلادنا وبلاد العرب ومحاولة إعادة الإسلام إلى أزمنة تبعيات هيمنة الدول الكبرى, فكانت التحديات التي واجهت الملك عبدالله كبيرة وخطيرة منها:
أولاً: تبعات (11) سبتمبر 2001م وما جرت وراءها.
ثانياً: تفجيرات القاعدة بالرياض عام 2003م.
ثالثاً: الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م.
رابعاً: الانهيار الاقتصادي العالمي عام 2008م.
خامساً: الحرب الحوثية عام 2009م عام.
سادساً: ثورات الربيع العربي عام 2010م.
سابعاً: الحرب السورية عام 2011م.
ثامناً: إعادة مصر إلى منظومة دول الاعتدال عام 2013م.
تاسعاً: خطر داعش بعد احتلالها لبعض الأقاليم العراقية عام 2014م وأصبحت على مشارف حدودنا الشمالية.
ظروف سياسية واقتصادية عالمية فرضت على المملكة بدأت من أحداث 11 سبتمبر ثم تسلسلت الأحداث حروباً عسكرية واقتصادية وعقائدية وفكرية، وبقي الملك عبدالله وبكل تحدٍ يعمل على أكثر من محور أهمها:
المحور الأول: تجنيب بلادنا الحروب العسكرية باستثناء الحرب الحوثية عندما احتلوا أراضي سعودية، وأيضاً تجنيب بلادنا الدخول في حروب إقليمية أو صراعات دولية مسلحة.
المحور الثاني: استثمر الدورة الاقتصادية - الطفرة الاقتصادية الثانية - بارتفاع أسعار النفط، حيث وظف عوائدها المالية للتنمية والتطوير.
المحور الثالث: تعزيز الانتماء الوطني في المجتمع السعودي وسط التجاذبات الفكرية والصراع المذهبي وتعدد الولاءات في المجتمع العربي بعد 11 سبتمبر والثورات العربية.
المحور الرابع: تحديث المجتمع السعودي من خلال إشاعة ثقافة العلوم، ونقل المجتمع من بيئة بكرية إلى مجتمع المعرفة. أي نقلة من مجتمعات الاستهلاك إلى مجتمعات الإنتاج. واستطاع - بحمد الله - أن يستثمر الدورة الاقتصادية لصالح التنمية، ويجنبنا الحروب، وأن تمر سنوات العشر التشغيلية دون أن تتعطل للمشروعات الكبرى.