نقل لنا بيان الديوان الملكي السعودي ببالغ الأسى والحزن نعي ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وافته المنية صباح يوم الجمعة الموافق 3 ربيع الآخر 1436هـ، وبهذا الخبر تكون بلادنا العزيزة قد فقدت شخصي عظيمة في تاريخنا الحديث، وهذه سنة الله في خلقه، إذ كل نفس ذائقة الموت، والقلب يحزن، والعين تدمع، على فقد القريب والصديق ومن له فضل وإحسان، وأثر ومآثر على أهله وذويه. فكيف والفقيد هو خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، الذي جمع في قلبه وفكره كل هذه الصفات. فقد كان هو الملك والأخ والوالد والقريب والصديق والحبيب لكل فرد من أبناء وطنه وأمته.
(وإلى الله ترجع النفس يوماً
صدق الله والنبيون وعداً)
ولئن غاب عنا هذا الزعيم والوالد والقائد العظيم فإن آثاره المجيدة وتاريخ أفعاله النبيلة ستبقى في ذاكرة تاريخ الوطن وأجياله المتعاقبة، ويمتد ذلك على رقعة العالم العربي والإسلامي والعالم. والحديث يطول لو فتحنا صفحات سجله يرحمه الله في خدمته لدينه ولوطنه، فقد خطط ونفذ للإصلاح والتنمية في كل المجالات العلمية والتربوية والتقنيات العصرية والبنى التحتية التي شملت رقعة الوطن، وزيادة على ذلك أن سياسته رحمه الله كانت تركز على حب الوطن وتأليف القلوب لكافة أبناء شعبه وعزهم ومجدهم.
ولم يركز اهتمامه بحياة المواطن فقط بل وبرفاهيته أيضاً من خلال التنمية وتوفير وسائل الحياة الكريمة، وفتح الباب واسعاً لتأخذ المرأة مكانتها في تنمية المجتمع انطلاقاً من الركائز التي تقوم عليها الدولة، وكرس وقته وجهده في تقوية أواصر ولحمة دول الخليج العربية، وراب الصدع بين دول العالم العربي والإسلامي، وبفضل حزمه وعزمه أستطاع أن يحقق للمملكة مكانة عالمية في الاقتصاد والسياسة، ومحاربة الفتن وحوار الأديان والثقافات والتقريب بينها، وبما يثبت ما في ديننا الإسلامي من مثل وقيم تخدم الإنسانية.
ولئن فقدنا ملكاً ملهماً وقائداً فذاً ووالداً حنوناً، فقد استلم الأمانة بعده شخصية فذة متمثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز، ابن الرياض البار، وعاشق التاريخ والتراث، الخبير في إدارته الجادة المتزنة، ومعرفته بتاريخ الوطن، وبالشئون المحلية والإقليمية والقارية والدولية، ويسانده في الحكم صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي بويع ولياً للعهد.
(إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعول)
وداعاً أبا متعب ونسأل الله تعالى لك المغفرة وأن يسكنك فسيح الجنان.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .