بعد الخروج المر للمنتخب الوطني الأول من بطولة أمم آسيا، تحفظ (الروماني) أولاريو كوزمين مدربه (المعار) في مؤتمره الصحفي الأخير في مدينة ملبورن الأسترالية في كثير من تعليقاته التي رد بها أسئلة الإعلاميين، ومن ذلك إجابته عن سؤالين من الأسئلة الثلاث التي وجهتها إليه، وكان أهمها السؤال عن: هل يترك موقعه بانتهاء مهمته (المؤقتة) مع الأخضر وينصح ببقاء واستمرار المنتخب بأسمائه وعناصره الحالية؟ غير أنه لم يرُد بإجابة كافية أو مقنعة، ولم يرُد أيضاً بوضوح على سؤالي الآخر عن أهم نصيحة يقدمها للاتحاد السعودي لكرة القدم وهو يودعه؟!
مما قاله كوزمين «إن الكرة السعودية تستحق منتخباً أفضل، والمنتخب يحتاج إلى أن يتطور ويعمل كما تطورت الكثير من الأندية السعودية التي تعمل جيداً». وأشار إلى أنه خلال لقائه بالأمير عبدالله بن مساعد والأستاذ أحمد عيد قدم نصائحه للكرة السعودية، مشيراً إلى أن المنتخب بحاجة إلى (تطوير أكثر في غير الأمور الفنية)!!
وكم تمنيت أن كوزمين كان واضحاً وصريحاً وأميناً في الوقت نفسه، فأفصح علناً عن تلك الأمور (غير الفنية)، أو بعضها، أو حتى لمح إليها.. أما أنه لم يفعل فإنني أطالب الاتحاد السعودي لكرة القدم بـ(الكشف) عن تقرير كوزمين، وما كتبه عن أسباب ما يحدث للمنتخب وما يتعرض له، من وجهة نظره، وشرحه لأسباب الهزائم والإخفاقات المتوالية، وما يقصده بالأمور غير الفنية، وأهم النصائح التي قدمها في هذا الشأن؛ ليكون الوسط الرياضي بأجمعه، وبكل أدواته، على علم بها، خاصة الإعلام والجمهور؛ حتى تكون هناك معرفة حقيقية ومواجهة ومتابعة، ويقفل باب التأويلات والتفسيرات والتكهنات، وليأتي العمل القادم جماعياً ومتكاملاً، ولا يعمل كل طرف (وأقصد الرئاسة والاتحاد والأندية) في اتجاه مختلف. فكفي تكتيماً، وكفي صمتاً، وكفي (دمدمة)، وكفاية العمل العشوائي أو المجزأ أو الانفرادي..
إنَّ المتوقع بل المنتظر أن يكون لمجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم خطوات (تصحيحية) تتعلق بالمنتخب ومستقبله، لكن ليت الخطوات تبتعد هذه المرة وتتجنب الارتباط بالشكل (التقليدي) والعمل المكرر والقرارات الاعتيادية، التي جربناها مراراً وتكراراً. ليت الأمر يبتعد عن (القشور)؛ فالأخضر بحاجة إلى عمل و(رؤية واضحة)، ويسبق كل ذلك قرار يأتي على طريقة (شيلا بيلا)، فهل يفعلها (كبير العيلة)، وأقصد رئيس الاتحاد؟!
كلام مشفر
· تعاقد الاتحاد السعودي لكرة القدم مع جهاز فني جديد وتغيير أو عودته إلى المدرسة البرازيلية لن يحل مشاكل المنتخب؛ لأنها ليست فنية فقط. وكوزمين قالها لنا «العمل يحتاج إلى تطوير أكثر في الأمور (غير الفنية)». الروماني لم يوضح، لكنه رمى بحجر كبير في بركة اتحاد الكرة.
· حتى وإذا كانت المشكلة ليست فنية فإنها أيضاً ليست إدارية، ولن تحل بتغيير المشرف أو الجهاز الإداري؛ فالعمل الإداري لم يكن سيئاً أبداً، وإن كانت عليه ملاحظات. والحل أيضاً ليس التلويح باستراتيجية جديدة مثل البناء؛ فالبناء لا يكون بأسماء تشبعت، وتوقف طموحها، أو تلك التي ليس لديها طموح، ولا يفرق معها ارتداء قميص الوطن من عدمه.
· لاعبون انتهت صلاحيتهم يجب أن يتوقفوا، ويترجلوا عن ركب الأخضر. ذلك ليس عيباً ولا خطأ، بل إنه سُنة الحياة. إما أن يفعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم أو يُقال لهم «عفواً.. أفسحوا مراكزكم لآخرين أكثر حيوية ونشاطاً ورغبة وطموحاً».
· هناك لاعبون توقف تطورهم وتقدمهم، ولاعبون لا يملكون البنية الكروية الحقيقية والمطلوبة، وآخرون لا تساعد إمكانياتهم البدنية على النضوج الكروي، ولا تفكيرهم الشخصي على المسؤولية الجماعية وعقلية (الفريق الواحد).. يفترض أيضاً أن تكون مهمتهم مع المنتخب قد انتهت بغض النظر عن الأسماء والأعمار، حتى وإن كانت بعض المدرجات تصفق لهم، وكثير من العناوين تتغنى بهم، فالتقييم بقميص الوطن ليس للمشجعين.
· أقرب مشاركة للمنتخب السعودي ستكون في الحادي عشر من شهر يونيو القادم، أي بعد أربعة أشهر فقط، وهي تصفيات آسيا للوصول إلى نهائيات كأس العالم في روسيا عام 2018م، وهي التصفيات نفسها المؤهلة إلى نهائيات أمم آسيا عام 2019م.
· هل سيكون هناك متسع من الوقت لعمل حقيقي يعود بالأخضر قريباً من موقعه، أم أن الحاجة الحقيقية هي (استراتيجية) واضحة، تتوافق والوضع الحالي وما يعيشه المنتخب منذ سنوات؟
· هل نجرؤ على التسريح بالمنتخب الحالي برمته (شيلا بيلا) في الاستحقاق القادم، والمشاركة بأخضر آخر (جديد)، يتم الاستمرار عليه خلال السنوات القادمة من غير اعتراضات الأندية، أو رفض التغيير و(جدولة) الدوري؟
· ويكون الهدف بطبيعة الحال كأس العالم 2022م ونهائيات أمم آسيا 2023م. ولعل ذلك يوقف برغبتنا مؤقتاً في (التلطيش) المستمر للمنتخب، وبناء على (رؤية) واضحة واستراتيجية تقوم على برنامج مكتوب واضح وثابت لا يتغير بتغير الاتحادات والشخصيات؟!