التاريخ شيء آخر غير صورة لجرائم الإنسان (فولتير).
أبدت عضوة مجلس الشورى المؤرخة والباحثة القديرة د. دلال الحربي رأياً مهماً حول الاستفادة من الوثائق الوطنية التاريخية وأوصت بإتاحتها للباحثين المتخصصين.
الحقيقة إن عدم إتاحة هذه الوثائق وبقائها في صناديق مقفلة في دارة الملك عبدالعزيز أمر يثير الدهشة ذلك أن الدارة إحدى المؤسسات العلمية التي عرفت واشتهرت بدعمها اللامتناهي للباحثين وهي كما يشهد لها لا تقل في ذلك عن مكتبة الملك فيصل التي زرتها واطلعت على كيفية اهتمامها بالمخطوطات وكيف يتم ترميمها ومن ثم إتاحتها لجمهور الباحثين. فالباحثون هم الماء الذي يمنح المكتبات وبيوت الوثائق قيمتها فكلما كثر ترددهم عليها دلّ على حجم ما تتمتع به من مكانة وتعدد في المصادر والكتب والمخطوطات والوثائق.
وحتى المتاحف فإنها تتيح جزءاً من مخزونها للباحثين.
كما أن الباحث عادة ينتمي لمؤسسة علمية تابعة لوزارة في الدولة، ويخضع لمعيارية واشتراطات ولديه مشرفون على بحثه وإن كان أستاذاً فإنه يمر بأكثر من مرحلة فحص وتدقيق ولجان، وإن كان مؤلفاً فإنه سيخضع لمعايير النشر لدى وزارة الإعلام، نحن نعيش في دولة مؤسسات مترابطة ومطلتها واحدة هي الدولة ولم نعد كأجدادنا الذين عاشوا في صحاري وقفار كل منهم يحتكم لقوانينه الخاصة.
نحن في دولة منيعة بسياج التشريعات والأنظمة ولا وجود للفوضى الفكرية لذا فإنه لا تثريب من إتاحة الوثائق مهما كانت المعلومات التي تتضمنها.
التاريخ ليس صوراً لجرائم الإنسان فقط مثلما قال فولتير.
ثمة جوانب وحيوات كثيرة يمتلك الباحث الماهر استقرائها والحديث عنها، ووطننا المملكة العربية السعودية دولة مهيبة مكينة مشهود لها بالعزة عالمياً، لا يمس وحدتها مدونات تاريخية قديمة، بل إن إتاحتها للباحثين الجادين هو الأولى خاصة إن هذه الوثائق متاحة في مكتبات عالمية فلم لا تتاح للباحث في وطنه.