لا يستطيع أحد أن يفرض شروطاً على من يدفع الأموال، بل على العكس، ومهما تحدثنا عن القيم السلبية التي تطرحها الإعلانات التجارية، فإن حديثنا سينتهي إلى مهب الريح.
وواقعنا ليس كواقع الغرب، فيما يتعلق بثقافة الحقوق.
فهناك، لا يستطيع أحد أن يمس قيمة اجتماعية أو تربوية أو أخلاقية، مهما كان نفوذه الاقتصادي أو السياسي.
فعلى سبيل المثال، بثّتْ «تيفال» العلامة الشهيرة إعلاناً على النت لقميص رجل يصير قوياً بعد أن تكويه المرأة، ويهاجمها.
وبعد ساعات من بث الإعلان، هاجم المدونون في كل أوروبا الفكرة واعتبروها مقززة، بما فيها من تمييز جنسي وعنف ضد المرأة.
ونشرت عشرات الجمعيات بياناً موحداً، طالبت فيه العلامة التجارية بالاعتذار الأمر الذي أحرج الشركة وجعلها توضح أن الملصق لم يصدر منها، بل من مؤسسة تتعامل معها، وأنها ستطالبها بالتعويض بمبالغ كبيرة لما سببته لها من إحراج.
مجرد خطأ في رسم إعلاني لماركة عالمية عادية، تحركت له جمعيات العالم، واعتذرت عنه قيادات تنفيذية.
أما نحن، الله يرحم حالنا، فالمعلنون يسخرون منا في إعلاناتهم، سواءً من لهجتنا أو ملابسنا، ويطرحون من خلالها ما يمسُّ قيمنَا وعاداتنا وأحياناً عقيدتنا، ولا أحد يجرؤ على الحديث أو مناقشة الموضوع، فالجميع خائفون من أن يتم غلق صنبور الإعلان عنهم، والمال في النهاية هو سيد الموقف.
إن فقرنا في مجال مؤسسات المجتمع، ستجعل من العبث بقيم وأخلاق أطفالنا وشبابنا، عبر الإعلانات التلفزيونية، أمراً سهلاً.