في ملتقى «التنمية الصناعية في المناطق الواعدة» الذي عُقد صباح يوم الثلاثاء الماضي في مدينة الرياض قال وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف إن النشاط الصناعي حقق في عام 2014 نمواً بلغ 6.5 بالمائة ليكون ثاني أقوى الأنشطة الاقتصادية أداءً خلال عام 2014.
أيضا أشار الوزير إلى أن هذا النمو في القطاع الصناعي ساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 بالمائة وأن هدف الحكومة هو أن يرتفع هذا الإسهام إلى نسبة كبيرة تبلغ 20 بالمائة.
ومن المؤكد أن الصناعة تستحق أن تُسخر لها كل الإمكانيات لكي تنمو وتتطور، فالصناعة المتطورة في بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية فرضت حضوراً كبيراً لتلك البلدان على الساحة الاقتصادية العالمية رغم الحداثة النسبية لتجربتها، فضلاً عن الدول الصناعية الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وغيرها. وقد كانت الثورة الصناعية التي حدثت في إنجلترا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ثم انتشرت بعد ذلك في مناطق أخرى من العالم هي القاطرة التي قادت اقتصادات تلك الدول لتواصل تفوقها وتقدمها على البلدان التي تخلفت عن الأخذ بأسباب التصنيع والبقاء في أسر النشاط الزراعي التقليدي.
ورغم أن الصناعة ليست من الأنشطة التي تسهم كثيراً في توظيف الأيدي العاملة بشكل مباشر لأنها بطبيعتها تكثف استخدام الآلات والمعدات إلا أنها تسهم بطريق غير مباشر في زيادة الفرص الوظيفية في قطاعات أخرى من خلال مُدْخلاتها ومُخرجاتها. فالصناعة تَستخدِم، كمُدخلات، ما تحتاج إليه من المعادن والكيماويات والمنتجات الزراعية والخامات المختلفة التي تعزز الأنشطة الاقتصادية الأخرى فتخلق بذلك وظائف جديدة في تلك الأنشطة. كما أن الصناعة، من خلال مخرجاتها، تزود القطاعات الأخرى بما تحتاج إليه من المواد التي تستخدمها في إنتاجها فتُسهم، مرة أخرى، في خلق فرص وظيفية.
هذه الحقيقة تدفعنا إلى التساؤل عن مدى ارتباط صناعتنا بالقطاعات الأخرى من الاقتصاد الوطني، كما يدفعنا إلى التساؤل عن مدى قدرة صناعتنا على الابتكار. فهناك من يرى أن صناعتنا لازالت في معظمها صناعة تجميعية تعتمد على ما تستورده من الخارج من مواد خام وقِطع وأجزاء ومعدات ثم تعيد تركيبه وهي بذلك لا تقدم قيمة مضافة كبيرة على النحو الذي قد يبدو للوهلة الأولى عندما نسمع أن صناعتنا حققت نمواً مرتفعاً.
لا نقلل من أهمية الإنجازات المتحققة والتي تتفاوت من نشاط إلى آخر داخل القطاع الصناعي، لكننا لازلنا نبحث عن هوية لصناعتنا الوطنية تقوم على الابتكار والتجديد والتطوير. ولا يخفى أن بلداناً عديدة اشتهرت بإتقان صناعات محددة تضعها في المقدمة عندما يتحدث الناس عن التميز والأصالة، ويمكننا إن نكون مثلها من خلال استراتيجيات صناعية مناسبة.