عام 2000م بدأت بواكير أفكار جديدة تتحدث عن اقتصاد المعرفة وهي غير اقتصاديات التعليم، تفاءل البعض واعتبر اقتصاد المعرفة الاستثمار الثاني أو الدخل الثاني بعد النفط مثل بعض الدول التي استثمرت في التعليم، كان أصحاب هذا الطرح متفائلين بلا حدود، بنيت الخطط والتوجهات وتم تسويق هذه الفكرة لشموليتها خارج مجال التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم وقطاعات التدريب، بل دخلت جهات من خارج التعليم.
والسؤال إلى أي حال انتهى إليه مشروع اقتصاد المعرفة وتحويلها عبر التعليم إلى استثمار ومكاسب مالية؟ توقف الحديث عن اقتصاد المعرفة, والجامعات التي تشكّل أذرعتها القوية لتنفيذ المشروع أصبحت مشغولة بقضاياها الجانبية ومشكلات القبول والتخصصات, أما التعليم العام فقد غرق في التطوير وفي تعدد قياداته وتعاقب الوزراء والنواب على الوزارة، إضافة إلى اختلاف توجهات وأولويات كل وزير ومسؤول بالوزارة، هذا التعاقب السريع لم يتح المجال لفكرة اقتصاد المعرفة أن تنمو في وزارة التربية والتعليم, وحتى قطاعات التعليم الفني والتدريب لم يتح لها أيضاً إمكانية نمو فكرة استثمار المعرفة.
نحتاج بعد مرور (14) سنة أن تتولى جهة خارجية تقييم المرحلة السابقة التي وجهت معظم الخطط التعليمية لخدمة اقتصاد المعرفة وبخاصة في التربية والتعليم وامتدت لاحقاً لتشمل التعليم العالي، فقد بذل من الوقت والمال الكثير لصالح نشر مفهوم تحويل التعليم إلى استثمار كما حدث في بعض دول العالم المتقدّمة في مجال التكنولوجيا لكن ذلك لم ينفذ, حيث كان الطموح ليس بقصد تصدير المعرفة إنما من أجل بيع منتج المعرفة والتقنية التي تحصلوا عليها، لقد كان من البداية واضحاً أننا وحسب المعطيات لا نملك القدرة على تصدير المعرفة، بل لا نملك أيضاً: معطيات التقنية، البنية التحتية للنظام التعليمي,، المخزون التكنولوجي، قيادات التعليم المتخصصة في التطوير، ولا خريطة مستقبلية لتوزيع الجامعات، لكننا اندفعنا بهذا الطموح من خلال بعض القيادات التعليمية التي اعتقدت أن التنفيذ لا يحتاج أكثر من عزيمة وإيمان بالفكرة، وتوجيه الأموال ليتحقق لنا بعد سنوات قصيرة اقتصاد المعرفة.
لا أقصد من ذلك تشويه الفكرة والمرحلة لكن لا بد من تقييمها من خلال جهات مستقلة عن التعليم، تملك الحق في الوصول إلى كامل المعلومات، حتى لا نرتكب الأخطاء نفسها مع كل وزير, ونستمر في طريق نتائجه غير حقيقية، ثم نبني عليها الخطط والآمال فلا يتحقق أي حلم من أحلامنا.