في الدورة الاقتصادية الأولى (الطفرة) التي عاشتها المملكة 1975 - 1985م أعلنت المملكة حينها الدخول في الانكماش الاقتصادي، وبدأت في مرحلة جديدة، عُرفت بـ(شد الحزام)، ثم تبعها قرارات يعرفها معظم الموظفين، منها: تقليص البدلات، خفض الانتدابات خارج الدوام، إيقاف الابتعاث الخارجي والدورات التدريبية، وقف الامتيازات المالية في الوظيفة العامة، الحد من الترقيات وتحجيم إحداث وظائف الدخول.. وبذلك فهم المجتمع معنى نهاية الطفرة، والدخول في (شد الحزام)، وترشيد الإنفاق، وضغط المصروفات؛ لذا نفت وزارة المالية ما اعتبرته شائعة تقليص الرواتب والبدلات والأجور، التي انتشرت على نطاق واسع بعد إعلان الميزانية، وتكشُّف العجز والنية إلى الاقتراض أو السحب من الاحتياطات المالية؛ لأن المحللين والمراقبين ربطوا معطيات ونتائج الطفرة الاقتصادية الثانية بما حدث في الدورة الاقتصادية الأولى، فجاء ما قالت عنه وزارة المالية إنه شائعة وغير صحيح.
كان الانكماش الذي أعقب الطفرة (الدورة الاقتصادية الأولى) جاء سريعاً بسبب تزايد الضغوط في حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران 1979م، ثم تلاه حرب الخليج الثانية التي بدأت باحتلال الكويت، وما ترتب عليه من التحرير (90م)، ثم حرب الإرهاب واحتلال العراق. وتنتهي هذه الدورة من الانكماش (2005م) مع دورة اقتصادية جديدة (طفرة)، استمرت حتى عام 2014م.
فهل نحن أمام انكماش كما حدث عام 1985م أم استيعاب الدورة الاقتصادية، والبحث عن حلول الاحتياطات المالية، والتوقف عن تنفيذ المشروعات المستقبلة, والبدء في تنفيذ الخطط التشغيلية السنوية الفعلية، والتعامل بواقعية مع الدورة الاقتصادية واستيعابها التي حُدد لها (5) سنوات إلى عشر سنوات في حدها الأقصى؟ هذا إذا لم تحدث تغيرات جذرية على الاقتصاد العالمي.
ما يود المجتمع أن يسمعه من معالي وزير المالية: ما هي الإجراءات التي تمنع بإذن الله:
خفض الرواتب، وقف البدلات، تقليص خارج الدوام، وقف إحداث وظائف جديدة ووقف الابتعاث..؟
نحن نثق بالسياسات المالية وإدارة وزارة المالية، وهي مجربة بأزمات مرّ بها الاقتصاد العالمي، لم يتأثر بها اقتصادنا، لكن تجربة الانكماش الذي عشناه في منتصف الثمانينيات والتسعينيات الميلادية ما زالت تأثيراتها وذاكرتها باقية، وتؤثر سلباً حتى الآن في قطاعات وبرامج: التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية والإسكان.