قامت الخطوط السعودية بتعويض ركابها المسافرين على رحلة رقم (038) القادمة من واشنطن إلى جدة بتاريخ 24 ديسمبر الماضي، بنقاط فرسان تساوي قيمة التذكرة بسبب تسرب المياه في الطائرة من دورات المياه. بغض النظر عن سوء الصيانة الذي تسبب بهذا الأمر، إلا أن هذه الخطوة السبّاقة تستحق الإعجاب والإشادة، فكم عانى ركاب الخطوط السعودية -سابقًا- في بعض الرحلات ولم يكن هناك من يلتفت إليهم ولا إلى شكواهم، حتى صار الموضوع الوحيد الذي يتفق عليه معظم الناس بمختلف توجهاتهم الفكرية هو نقد الخطوط السعودية بسبب الاحتقان المتراكم داخل النفوس جراء بعض أساليب التعامل معهم، والغطرسة التي كانت تُعامل بها شكواهم، بل كانت الغطرسة حتى في التعامل مع النقد الذي تنشره الصحف أو الذي تشير إليه بعض زوايا الرأي.
بإذن الله حقبة وانتهت، وأنا شخصيًا متفائلة خيرًا بالحقبة المقبلة، أضف إلى هذا، أن هناك تركة ثقيلة على الخطوط السعودية في عهدها الجديد أن تتعامل معها وتحاول الوصول إلى جذورها لاقتلاع تلك التراكمات الممتدة والتي رزحت أطنابها لسنوات، تحتاج إلى غربلة وتطهير.
المسافر ليس من الصعب التعامل معه، هو بحاجة إلى احترامه قبل الرحلة وأثناءها، هو بحاجة لقراءة تصريحات من مسؤولي الخطوط تحترمه سواء تلك التي تقال عبر القنوات التلفزيونية أو التي تُكتب في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، المسافر بحاجة ليشعر أن الخطوط هي جهة تقوم على خدمته وتبحث عن رضاؤه، لا هو من يبحث عن الوساطات والشفاعات ليظفر بمقعد على طائرة أو حجز يحتاجه بعد شهر، المسافر بحاجة إلى أن يشعر بأن الخطوط السعودية تشعر بالامتنان لأنه قام بالسفر على متنها لا العكس، كثيرة جدًا احتياجات المسافر التي افتقدها في الحقبة الماضية، ورغم كثرتها إلا أن تحقيقها لا يحتاج إلى معجزات بل بطرق سهلة وبسيطة، مثل التعويض الذي قدمته الخطوط لمسافري رحلة واشنطن، برغم بساطته وهو غير مكلف ماديًا لأنه مجرد نقاط تضاف إلى بطاقة الفرسان، إلا أنه يُشعر المسافر بقيمته وأهميته وأن الخطوط تبحث عن رضاه. وفي ذات الصدد، فإن من أهم ما ينبغي الالتفات له هو تلك الطائرات البرازيلية معدومة الخدمات داخل الطائرة، والحل بنظري هو تخفيض أسعار الرحلات عليها إن لم يكن باستطاعة الخطوط تغييرها في هذه الفترة.
ومن التغييرات البسيطة والملموسة التي شعرت بها بنفسي، أنني أثناء رحلة قبل شهرين أجريتها على متن الخطوط السعودية إلى نيويورك، كتبت تغريدة في تويتر تتضمن ملاحظتين على الرحلة، وهي ارتفاع برودة التكييف وعدم إغلاق الإضاءة طوال الرحلة، لم تذهب تلك الملاحظات في أدراج النسيان -كما كان في السابق- بل علمت أن الخطوط كلفت موظفين بالاتصال على كافة المسافرين على نفس الرحلة والتأكد من تلك الملاحظتين، بل وأخذ أي ملاحظات أخرى، وهذا دليل آخر على أن الخطوط دخلت حقبة جديدة لست بصدد الإشادة بها في هذا المقال، لأننا في مرحلة لا تحتاج إلى الإشادة بل إلى المراقبة والنقد البنّاء، وأطمح أن تكون خطوطنا على قدر المسؤولية التي تحمل اسمها وشعارها.