هل الحديث عن مستوى التخطيط العمراني في أحيائنا السكنية القائمة والمستقبلية له أي علاقة بعــنوان المقال؟ إنه اللون الذي يرمز به عادة إلى المواقع المخصصة للاستخدامات التجارية عند طرح مخططات الأراضي للتسويق، وهو عادة يحيط بالمخطط كما يحيط الطوق بالمعصم.
إن ما يحيط بأحيائنا السكنية من أنشطة تجارية وصناعية تكاد تخنق الساكنين بطوق من الفوضى التجارية؛ إذ تتجاور محال النجارة والألمنيوم والسباكة مع المخابز ومحال بيع الخضار والمطاعم باختلاف أنواعها، وما ينتج من هذه المجاورة من استخدام العاملين في هذه المحال طرق وشوارع الأحياء السكنية للتنقل من شارع تجاري إلى آخر بواسطة وسائل نقل تستخدم لنقل البضائع؛ فتنشر الضجيج والتلوث، وتزيد مستوى الخطورة على ساكني الحي من أطفال ونساء في استخدام الطرق المخصصة أصلاً للساكنين. وتشكل كل هذه العوامل طوقاً خانقاً لأحيائنا السكنية. ولا يمكن الانفكاك من هذا الطوق إلا من خلال مراجعة شاملة وواقعية لاشتراطات تصميم المخططات السكنية وتنظيم ممارسة نشاط التطوير العقاري.
إنَّ المملكة العربية السعودية تشهد مرحلة بناء كبيرة في مشاريع الإسكان. وحسب إحصائيات وزارة الإسكان فإن عدد منتجات الدعم السكني في المشاريع القائمة يقارب مائة وثمانين ألف منتج، يعول عليها في تحقيق استقرار اجتماعي وحضري للجيل الحالي والأجيال القادمة؛ ولا بد من الاهتمام بالجوانب التخطيطية لبيئة هذه المنتجات، بما يحقق توفير السكن الملائم.
إنه من المحزن حقاً أن نرى على أرض الواقع تنفيذ مخططات سكنية جديدة، تتبع ذات الأنماط والسطحية في التخطيط، وتتداخل فيها الاستخدامات والأنشطة التجارية بالسكنية، بطريقة غير مدروسة. وقد أصبحت الحاجة ملحة لإعادة دراسة التشريعات الخاصة باعتماد المخططات السكنية، وسرعة تعديلها؛ لتتوافق مع متطلبات المستخدم والساكن الضرورية، وتضمن توفير الترفيه والسلامة والأمن للساكنين. ولدينا - والحمد لله - الكثير من المختصين في التخطيط العمراني والقادرين على صياغة التشريعات، مع ضرورة تشجيع إجراء دراسات للأحياء الحالية، تهدف إلى إيجاد حلول لفصل الحركة التجارية عن المجمعات السكنية، والاهتمام بتحديد الكثافة السكانية لكل منطقة. ولا نغفل أهمية العودة إلى تحديد النطاقات العمرانية للمدن؛ لما لها من أهمية في تمكين الجهات المسؤولة عن تقديم الخدمات من التخطيط بشكل سليم.
وأختم بمقولة شائعة ومعبرة، تتعلق بأهمية التخطيط: «إذا فشلت في التخطيط فأنت تخطط للفشل».
- المهندس عبدالله بن عمران العمران