إذا أردت أن تخرج إنساناً من دائرة راحته طواعية ورغبة إلى براح المشقة والتعب.. فأنت في مهمة صعبة.. لكنها ليست مستحيلة.. ووزارة التربية والتعليم أمام معضلة تصلبت على مر الزمان حتى غدت جلموداً يحتاج خططاً تكتيكيةً وعلميةً لتكسيره دون المساس بالروح التي يحتجزها.
إن القرى النائية والبعيدة لها حق التعليم دون شك.. وبين حساسية وضع المرأة في المجتمع وبين ضرورة انتشار التعليم في كل مكان حتى الوعر والبعيد.. فإن هذه الوزارة تحتاج خطة تكفل لها سلامة الأرواح وضرورة التعليم.. والحل الأخير الذي اتخذته بتقليص أيام الدوام المدرسي هو حل مبدئي وذكي لحين الوصول إلى حل يعالج هذه الأزمة التي أعيت مفكري الوزارة على مدى تعاقب الوزراء فيها.
وعودة لبداية المقال فإن الوزارة تحتاج لأن تنقل العمل في القرى النائية والبعيدة من أمر مكروه ومحفوف بالمخاطر إلى أمرٍ مرغوب وآمن.. ويمكن أن يصل إلى حد التنافس للحصول على مقعد هناك.. كيف ذلك؟
في عدة حلول تجعل القاسي ليناً والحاجة ترفاً..
أولاً: ليكن راتب المعلمة والموظفة التي تعمل في الأماكن البعيدة عاليا و «يزغلل» النظر ويفتح الشهية لمرارة الاغتراب.
ثانياً: في كل منطقة نائية توفر الوزارة مجمعاً سكنياً بحراسة أمنية ومهيأ لحياة كريمة بإشراف كامل منها.. مع توفير مواصلات من السكن إلى المدرسة والعكس.. وهنا تحديداً تنتهي مشكلة الحاجة إلى محرم أو التنقلات الخطيرة.. فالسكن آمن ومشترك بين منسوبات التعليم.. كشأن سكن الجامعات.
رابعاً: تحصل كل موظفة في المنطقة البعيدة على تأمين صحي لها ولأبنائها بأعلى مستوى.
نعم يا وزارتنا الغالية.. ضخمي كعكة الغربة.. تأتيك الأنفس متلهفة لنيلها.. هو شأن الحياة عموماً فكيف في مهنة عظيمة كالتعليم.. ولو تخيلنا الوضع واقعاً وفق الحلول المقترحة.. فإن المعلمة والموظفة ستكون مهيأة للعطاء المثمر.. غير مجهدة ولا مقهورة.. وستكون أسرتها مطمئنة على حياة سيدتها.. وإن حصل وطبقت.. فإني أراهن على أن الحصول على عمل في منطقة نائية سيكون موضع تنافس للحصول عليه.. والفوز به.. شأنه شأن الرغبة في النقل لمكان أقرب.
وأخيراً.. رحم الله شهيدات التعليم وجمعنا بهن في مستقر رحمته.