حارس مدرسة يرفع صوته بالصراخ، ممسكاً بيده عصاً يهش بها على «الطالبات» ليرتب دخولهن وخروجهن من المدرسة. هذا توصيف لصورة انتشرت عبر برامج التواصل في الإنترنت، وفي تويتر بالتحديد. حيث ثارت حولها تغريدات مستاءة من الحارس وعصاه الذي يحركها بوجه الفتيات الصغيرات ومؤشرات الغضب بادية على ملامحه.
ولكن لو رمنا الواقع فإنّ (الحارس والعصا) ليس ذلك الواقف على باب المدرسة وحسب، إنما هو الصورة المنعكسة في أعماق الرجل الشرقي. عصا ارتبطت بسلطوية الرجل وأفضليته على المرأة، عصا الوصاية على عقلها، إرادتها، قراراتها وخياراتها باعتبارها ناقصة أهلية، غير مؤهلة لإدارة حياتها وفق منظومتها الفكرية، بعيداً عن عصا الحارس التي تهمش عقلها فتختار لها الجهات! وسوف يكون الأمر قابلاً للتجاوز لو كان الحارس وعصاه قابعين في جوف الجهلاء وقليلي التثقيف فقط، ولكن المؤسف بحق أن نعثر على الحارس وعصاه مازالا واقفين على بوابة عقول المثقفين وزملاء العمل، وزملاء الهوايات في الواقع أو في مضامير الإنترنت. بحيث يُظهر الوصي الثقافي أو المهني أسوأ مما يظهره الوصي الأسري. وخصوصاً وصاية المفكرين الذين يعلقون على بوابة الفكر لوحة برّاقة مكتوب عليها بالبونط العريض (ممنوع دخول النساء).كثيرات من يحكين عن استعداء هذا الحارس وعصا وصايته الثقافية والفكرية والمهنية على حرية الخيار لديهن. وقليلون من الرجال من أقالوا الحارس ورموا عصا (وصايته)، قليلون من التفتوا إلى عقل المرأة على أنه جهاز مكتمل يستحق أن يوهب حقه الكامل لأن يعمل دون إشراف جهاز آخر (يشبهه) في رأس الرجل! العقول تتطوّر بخوض غمار التجارب، وتتعلم من الأخطاء لتطور مهاراتها. يخطئ عقل الرجل في التحليل والتفكير فيعمل على التصحيح الذاتي أو التعلُّم من أخطائه وهذا هو الطبيعي. ولكن حين تخطئ المرأة يفتشون عن (حارسها وعصاه)!! عقل المرأة لا يسمح له بأن يمارس طاقاته، ويحلق في فضاءات الفكر ليجرب ويمرن جناحيه. ولو أنه اجتهد وفعلها ثم أخطأ فسيكون مؤشراً للعجز وصافرة إنذار ليستيقظ الحُراس ويمتشقوا عصيّهم ولسان حالهم يقول: لا تشتر العبد إلا والعصا!