كنتُ قبل مواسم أحتار بعد أي منجز هلالي في اختيار العنوان المناسب؛ وذلك لكثرتها، حتى باتت العناوين متشابهة ومكررة؛ الأمر الذي يضطرني دائماً إلى تكرار عنوان (لا جديد)، في إشارة واضحة وصريحة ومعبرة إلى أن ألقاب وبطولات الهلال هي القاعدة والأساس، وغيابه عنها هو الاستثناء والحدث الغريب المفاجئ غير المتوقع. في المواسم الأربعة الماضية انقلب الوضع تماماً، وازداد سوءاً في الموسمين الأخيرين؛ فصار إخفاقه هو الـ(لا جديد)..!
من فعل هذا بالهلال؟ ومن يتحمل توقُّف بطولاته عند الرقم (54)؟ هل السبب فني أم إداري أم شرفي؟ هل هي أزمة فكر أم مال أم الاثنان معاً؟ لماذا انتكست إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد بعد تألقها وحماسها ونجاحاتها في السنوات الأولى؟
القريبون والمهتمون بالشأن الهلالي أدركوا في وقت مبكر، وتحديداً في موسم 2012م، أن الفريق بل النادي بوجه عام في طريقه للمزيد من السقوط، واتضح ذلك بعد أن ترك سامي الإشراف الإداري على الفريق، ثم تداعى أكثر بعد استقالة الأمير القوي الخبير نواف بن سعد؛ ما جعل النادي يعاني من فراغ إدارة وغياب فكر، فرأينا التجاوزات والغيابات وعدم الانضباطية والروح القتالية، لدرجة أنك ترى لاعبي الفريق يؤدون المباريات بلا نفس ولا هدف ولا طموح، وزاد الطين بلة أن الرئيس الأمير عبدالرحمن لم يعد يدير النادي بنفس حماس وحضور بداية رئاسته؛ فكثر غيابه، وقلَّ اهتمامه، وسمح للمتلاعبين والمتطفلين من داخل النادي وخارجه، سواء من المحسوبين على النادي أو أولئك المعروفين بعدائهم الفاضح وكرههم الشديد للهلال، بالتدخل والعبث، أو بالتأثير بطريقة غير مباشرة على قرارات وتصرفات وتعاقدات الإدارة..!
نعم، لا أحد يستطيع أن يفرض أو يملي على الأمير عبدالرحمن قراراته على المستوى الشخصي، وكذلك في موضوع إكمال فترته الرئاسية، لكن من أجل ألا يخسر نفسه وصحته ومحبيه أكثر، ويشوه صورته وتاريخه ونجاحاته؛ وبالتالي يكون الهلال هو الخاسر والمتضرر الأكبر، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أتمنى من سموه أن يبادر إلى اتخاذ أحد القرارين: إما عودة الأمير نواف بن سعد أو أحد الهلاليين المؤهلين، وتكليفه بالإشراف الكامل على الفريق دون تدخل من كائن من كان، وتوفير الميزانية الكافية للتعاقد مع عدد من النجوم المحليين والأجانب في التنقلات الشتوية، أو أن يقدم اعتذاره قبل فوات الأوان، وقبل أن يضع نفسه والنادي في موقف أصعب وأسوأ بكثير مما هو عليه الآن..
تعلموا من التعاون!
بمناسبة ما يمر به الهلال، ومثله قبله وبعده أندية أخرى عديدة، من مشكلات إدارية ومالية وفنية، هزت كيانها، ومنعت تطورها، ودمرت استقرارها، ولتنظيم أداء وواجبات وصلاحيات مجلس أعضاء الشرف وعلاقته بمجلس إدارة النادي، وحتى يكون معيناً فاعلاً وداعماً وإيجابياً، وليس العكس، على الهلال والأندية السعودية عموماً بمختلف مواقعها وقوتها ودرجة تصنيفها الاقتداء والاستفادة من تجربة نادي التعاون بتشكيل مجلس تنفيذي مكون من أربعة أعضاء شرف، لهم قبولهم ومكانتهم، ولديهم من الخبرة والثقافة والقدرة المالية والاستعداد ما يؤهلهم لخدمة ومساعدة فريق كرة القدم. أتذكر هذا المجلس جيداً، وكيف بدأ العمل من أيام ما كان التعاون في الدرجة الأولى، وكان يضم وقتها فهد المحيميد وياسر الحبيب وعبدالعزيز الحميد وأحمد أبا الخيل، وكيف استطاع أن يساهم في تحقيق حلم جماهيره بالصعود إلى دوري الأضواء، وما زال بأسماء جديدة - على ما أظن - يقوم بدوره الحيوي والمؤثر على مشوار الفريق في دوري عبداللطيف جميل..
أعود لأقول إن الأندية بحاجة ماسة لمثل هذا المجلس نظراً لعدم وجود تنظيم رسمي معتمد لعمل مجلس الإدارة، وكيفية متابعته ومحاسبته ومراقبة أدائه، وطريقة إنفاقه حضوره وغيابه.. الأهم من هذا أن يكون لدعم أعضاء الشرف جدوى وآلية للإنفاق والاطلاع على خطط وبرامج مجلس الإدارة، والتنسيق فيما بينهما، وبخاصة في القرارات المصيرية؛ وذلك لحفظ توازن الفريق، ومنع التدخلات المضرة المبنية على المواقف والعلاقات الشخصية والقناعات والانفعالات والأمزجة العاطفية من هذا العضو الشرفي أو ذاك، كما حدث ويحدث في الهلال، ومن قبل في الاتحاد والنصر قبل مجيء الأمير فيصل بن تركي..
حائل تبكي حبيبها
فُجعت حائل يوم أمس بخبر وفاة أحد رموز المنطقة في العديد من مجالات الخير والبر والثقافة والرياضة والمبادرات الاجتماعية والإنسانية.. الصديق الأستاذ محمد سالم الراجح - غفر الله له، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة -.
أبو سالم من القلائل الذين أجادوا العمل للمجتمع والوطن والإنسان بوفاء لافت، وإيثار نادر، وحب حقيقي.. رأيناه وأبهرنا - رحمه الله - منذ أن كنا صغاراً بحماسه وفعله وتفاعله مع هموم وشجون وتطلعات وطموحات الحائليين في كل الأزمنة، وفي سائر الميادين.. قدم لنا الأنموذج والقدوة في المعاني الحضارية السامية للرياضة.. أبدع وأخلص دون ملل، وبعيداً عن المناصب والأضواء وحب الظهور.. ظل هكذا شريفاً نزيهاً نظيفاً، وبعطاء ينمو ويتصاعد حتى في سنوات مرضه الأخيرة، وفي عز آلامه ومعاناته.. كان صديقاً للجميع، دائم الاهتمام والتواصل معي ومع كل الزملاء في كثير من الآراء والأطروحات التي تلامس وتناقش الهم الحائلي.. يتجاوب، يشكر، يتفاعل، يحفز، يساهم، يسخر قلمه وجهده وفكره وأفكاره وخبراته ومواهبه لأجل حائل الحاضر والمستقبل..
رحم الله أستاذنا وصديقنا الإنسان محمد الراجح، والعزاء لنا ولمحبيه الكُثر ولحائل والوطن قبل أن نعزي أسرته وأهله وذويه. {إنَّا للهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُوْن}.
من الآخر
- تصدر النصر فنال عن جدارة لقب بطل الشتاء، ولشمسه مزيد من الإشراق، ولمجده بقيادة الفذ كحيلان بقية..
- يطلب المدرب كوزمين تأجيل جميع مباريات كأس ولي العهد المقامة غداً وبعد غد، بينما الضجيج والتأليب والأكاذيب اقتصرت فقط على: لماذا طلب كوزمين تأجيل لقاء الاتحاد والهلال؟
- لنجرب ولو لمرة واحدة تجاوز خلافاتنا، ولننسَ صراعات أنديتنا، ونكُنْ جميعاً كما يفعل غيرنا مع منتخب الوطن في مهمته الآسيوية.