Al Jazirah NewsPaper Sunday  31/12/2006G Issue 12512مقـالاتالأحد 11 ذو الحجة 1427 هـ  31 ديسمبر2006 م   العدد  12512
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

شيء من
« افعل ولا حرج! »
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

من ضمن وجهات النظر (النقدية) التي تلقيتها كردة فعل على مقالي (ولكن الأحوط الترك)، والذي تحدثت فيه عن (فقه التيسير)، إنني لم أعتمد على آراء علماء هذه البلاد، بقدر ما أتعمد، وربما (أتقصد)، البحث عن الآراء الفقهية (التيسرية) خارج حدودها! ورغم أن مثل هذا النقد (السطحي) والساذج يتعامل مع الحلال والحرام من منطلقات جغرافية، أو مناطقية، إلا أننا يجب أن نعترف أنَّ ثمة مَنْ يؤمن بقوة بهذه المفاهيم (الجغرافية) في تحديد موقفه من (قبول) فتاوى للحلال والحرام، وهم كثر بالمناسبة.
ويوم أمس اتصل بي أحد الأصدقاء، ونبهني إلى مقال لأحد (كبار) علمائنا (يُقعِّد) فيه بتمكن، وتميز، وعلم عميق، وثقافة ثرة، وأفق واسع، لفقه التيسير (تحديداً)، الذي نحن في أمس الحاجة إليه في خضم ثقافة تلوذ (بالتشدد)، وتتقوقع فيه، ويتبارى علماؤها، أو من يفترض أنه من علمائها، في (التزمت) والإمعان في الحيطة والحذر، حتى بدا (التزمت) وكأنه أصل أصيل من ديننا الحنيف.
المقالة، أو لعلها (البحث العلمي) المؤصل، كان لأحد علمائنا الأفذاذ، فضيلة الشيخ د.عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء، نشرته جريدة عكاظ تحت عنوان (افعل ولا حرج قانون ذهبي وجملة تشريعية حكيمة. قواعد التيسير ورفع الحرج في الحج) في عددها الصادر يوم الخميس الماضي ورغم أن البحث كان يتحدث عن الركن الخامس (الحج)، إلا أن فضيلته تحدث بعقلية متمكنة، وبأسلوب شيق، ولغة جميلة، عن أسس وقواعد ومنطلقات فقه (التيسير) في الإسلام، وهو ما حفزني على أن أخصص مقالي لهذا العدد للتعليق على هذه المقالة.
ابتدأ فضيلته للولوج في الموضوع من القاعدة التي تقول: (المشقة تجلب التيسير) ثم واصل يقول: (المشقة المقصودة هنا: هي (التي تنفك عنها التكليفات الشرعية، أما المشقة التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية: كمشقة الجهاد، وألم الحدود، ورجم الزناة، وقتل البغاة، والمفسدين، والجناة فلا أثر لها في جلب تيسير ولا تخفيف). ويقول: (التيسير: يرادف التخفيف، فمن ثم أشار الفقهاء إلى هذا المعنى عند ذكر أسباب التيسير بقولهم (واعلم أن أسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعة وهي: السفر، المرض، الإكراه، النسيان، الجهل، العسر وعموم البلوى، النقص..).
ويقول: (التيسير مبدأ مطلوب، ومقصد رفيع من مقاصد الشريعة في عموم الأحكام، تضافرت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، مجمع على الأخذ به في الأعمال، والأحكام الفرعية، وضع الفقهاء لهذا المقصد قوانين مفصلة، وأسسوا له ضوابط وقواعد محكمة حتى لا يلتبس الأمر على المكلفين).
ويقول: (اجتهاد الأئمة رحمة من الله تعالى واختلافهم مبني على: فهم النصوص لاعتبارات مقاصدية، وأصولية، وأخرى فقهية، مع تأمل للحالات الواقعية، والاعتبارات الشخصية، والزمانية، والمكانية، وهو ما يسمى لدى علماء المالكية ب (فقه الحال)، وما نسميه اليوم ب (فقه الواقع ومآلات الأحكام)).
وتحت عنوان (اختلاف المذاهب، واختيار الأرفق) قال فضيلته: (تتحقق الفائدة من هذه القاعدة على المستويين الفردي والجماعي، ويمكن تفعيلها والاستفادة منها إما على المستوى الفردي فهذا يقتضي من المفتي معرفة حال المستفتي وظروفه (الحاج) في المرحلة التي هو فيها من مراحل الحج، دون التزام بمذهب معين، فقد قال الفقهاء قديماً (العامي لا مذهب له) بل يفتيه بما يصلح حاله ويتحرى له من الأحكام ما يساعده على الأداء الصحيح).
ويقول: (الشريعة الإسلامية جاءت أصالة على مرتبتين التخفيف والتشديد، وأن المكلفين على قسمين قوي، وضعيف، ولكل من هذين القسمين أحكام تناسبه، وهي نظرية فقهية جامعة مانعة للعلامة الفقيه الشيخ عبدالوهاب بن أحمد بن علي الأنصاري المعروف بالشعراني، رحمه الله تعالى، خلاصتها: (إن الشريعة جاءت من حيث الأمر والنهي على مرتبتين تخفيف وتشديد، لا على مرتبة واحدة.. فإن جميع الملكفين لا يخرجون عن قسمين: قوي، وضعيف من حيث إيمانه، أو جسمه في كل عصر وزمان، فمن قوي منهم خوطب بالتشديد، والأخذ بالعزائم، ومن ضعف منهم خوطب بالتخفيف، والأخذ بالرخص، وكل منهما حينئذ على شريعة من ربه، وتبيان، فلا يؤمر القوي بالنزول إلى الرخصة، ولا يكلف الضعيف بالصعود للعزيمة، وقد رفع الخلاف في جميع أدلة الشريعة، وأقوال علمائها عند كل من عمل بهذا الميزان).
ويقول: (الفتوى بما في كتب الفتاوى (السابقة) من غير تأمل للواقع، ومآلات الأحداث نوع من الشطط والحرفية المجافية لروح التشريع الإسلامي، التي تسبب العنت والحرج الذي يناقض روح السماحة التي تميزت بها التشريعات في الإسلام، وقد قرر هذه الحقيقة العلامة ابن القيم - رحمه الله - فقال: (إنها ضلال في الدين) ولهذا وضع الفقهاء قاعدة شرعية (إن الأصل رفع الحرج، والدائر مع الحرج دائر مع خلاف الأصل).
وبعد، هذا هو روح وصلب (فقه التيسير) وفلسفته، وهذا واحد من علماء هذه البلاد، وليس من (خارجها)، لا يدعو إليه فحسب، وإنما يجعل منه كمنطلق (قواعد) أصولية فقهية، تدور عليها وتتمحور تعاليم الدين وغاياته ومقاصده؛ فهل بقي (للتطرف) والمتطرفين بعد هذا من هامش معرفي يناورون فيه؟.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved