Al Jazirah NewsPaper Sunday  31/12/2006G Issue 12512مقـالاتالأحد 11 ذو الحجة 1427 هـ  31 ديسمبر2006 م   العدد  12512
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

مع بداية الموسم الربيعي يا معشر (المتنزهين) احذروا!!
محمد بن عبدالعزيز الفيصل

لم تعد الفيافي الواسعة والأراضي القاحلة الميته (صيفاً) الرافلة بالثوب الأخضر المطرز بالألوان الجذابة الزاهية (شتاءً)، مخيفة وموحشة كما كانت سابقاً، فالتكنلوجيا الحديثة كان لها تأثير واضح وملموس حتى في هذا المجال، فقد غزت أجهزت الاتصال سوق الرحلات وسيطرت عليها، فكانت البداية بأجهزت الاتصال (اللاسلكية) التي تشكل حلقة الربط بين المتنزهين في المناطق البرية، فتطور الأمر إلى أن وصلت التقنية الحديثة (GPS)، فصارت حديث الناس، ومحط اهتمام عشاق الرحلات البرية، فلا يكاد يوجد شخص مهتم بالرحلات البرية إلا ويتوفر لديه جهاز ال (GPS)، والكل يعرف مدى أهمية هذا الجهاز وكذلك حجم الجهد الذي يوفره على المستخدم داخل المدن، فبلا شك هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد مسار السير داخل المناطق البرية (النائية)، وبالتحديد عند المتنزهين أصحاب الخبرات (السطحية)، ولكن أغلب مستخدمي هذا الجهاز مع (الأسف) لا يفطن إلا لطريقة الاستخدام التقليدية فقط، من دون الاطلاع أو حتى الالتفات ولو بشكل خاطف سريع على التعليمات من (الإرشادات والتحذيرات...) وغيرها من الأمور التي يجب على مقتني هذه الأجهزة معرفتها بالضرورة، فكثير ممن يقصد المناطق البرية ويستخدم أجهزت تحديد المواقع (GPS)، لا تتوفر لديه الخبرة الكافية و في حال تعطل هذا الجهاز (السحري)، سيتعرض مستخدمه الذي لا يفقه شيئاً من أسرار الصحاري، إلى الخطر الذي قد يقوده إلى مهالك تنتهي به إلى موت محقق, قد لا ينقذه سوى عناية الله سبحانه وتعالى، فالعاقل من حسب حساب الأمور، واستعد لما قد يواجهه من المصاعب التي لا تخطر على البال!.

منطقتا الصلب والصمان منطقتان واسعتان متصلتان تصعب التفرقة بينهما، وتعد الصمان (بالذات) من المناطق الخطيرة (المهلكة)، وفيها يقول الشاعر الجاهلي ذوالرِّمة:

يقلب بِالصمَّان قوداً جريدةً
ترامى بها قيعانه وأخاشبه
تَعَرَّجنَ بالصمَّانِ حَتَّى تَعَذَّرت
عَلَيهِنَّ ارتاع اللِّوى وَمَشَاربه

فهذه المنطقة عرفت منذ قديم الأزل، بغموضها وعدم وضوح المعالم فيها، فقاصد هذه المنطقة قد يتعرض للخطر، لعدة عوامل ولأسباب مختلفة من أبرزها تشابه أرض الصمان، وعدم وجود مناطق مأهوله بالسكان، بالإضافة إلى قلة الموارد المائية، فهي شبه معدومة، باستثناء (الدحول)، التي لايُأْمَنُ مكرها، فمن يدخل إليها قد تكون مثواه الأخير، يقول ذو الرمة:

عفا الدحل من مي فمحت منازله
فما حوله صمّانُه (فخمائله)

وهذا الشاعر راشد بن دباس يشهد على صعوبة أرض الصمان وخطورتها قائلاً:

آصلك لو دونك نبا حمر الأطعاس
(الصلب والصمان) دروب عسيرة
مهالك مدارك مابها وناس
إلا الثعل والبوم تسمع صفيره

إذا كانت هذه المخاطر تواجه قاصدي هذه الأماكن في (الماضي)، فهي موجودة أيضاً في وقتنا الحاضر ولكنَّ نسبة حدوثها قد لا تكون عالية، أو بمثل ما كانت عليه في الماضي، وذلك بتأثير العوامل المدنية (الحضرية) فٍأجزاء - ليست باليسيرة - من منطقة الصلب والصمان أصبحت مأهوله بالقرى والهجر، و(الإزفلت) قد وصل إلى بعض أرجائها، ولكن عين الخطر محدقة بكل من يخطئ التقدير.

قد لا يتوقع من يهم بجمع أغراضه والاتصال بأصحابه ليستعجلهم (المسير) قبل حلول الظلام بأن (الموت) قد يكون بانتظاره، ومتربصاً له!..

قد لا يتوقع بأنه سيلقى حتفه عطشاً أو جوعاً!، في إحدى المناطق النائية (الخالية من الحياة)، فأغلب من يتوه في هذه المناطق يكون من (المتنزهين), فنادراً ما يكون (التائه) قاصداً لحاجة أومختصراً لدرب، فهؤلاء - في الغالب - تتوفر لديهم الخبرة اللازمة في حال تأزمت الظروف وضاقت، بعكس من يتعرض لأبسط المواقف فيهيم على وجهه إلى أن يجف الدم في عروقه.

كثيراً ما أسمع من القصص الواقعية (الحقيقية)، لأناس لاقوا حتفهم بسبب ضياعهم في (البر)، وما يتبعها من الجهود (المشكورة)، التي يبذلها رجال الدفاع المدني في إنقاذ هؤلاء وانتشالهم من (الموت)، ومثل هذه الحوادث تتكرر باستمرار، مع حرص الجهات المسؤولة على تنبيه (المتنزهين) مما قد يواجههم من (الضياع، السيول.. وغيرها من مخاطر البرية)، ولكن لا يولد هذا الوعي والانتباه إلا بعد صدمة! أو موقف عنيف، قد لا يقترب بعده المتنزه من (المناطق النائية) أبداً.

كثير من الأمور (البدهية) قد لا يلقي لها (الكاشت) بالاً، ولكنها قد تكون سبباً رئيس في تعرضه (لمكروه!)، البنزين، الماء، صلاحية السيارة، البوصلة، المنظار، الخريطة، أجهزة الاتصال (اللاسلكية)، جهاز (GPS)، حقيبة الإسعافات الأولية.. (أساسيات وبدهيات)، تقليدية قد يكون أحدها طرفاً في نجاة (قاصد تلك المناطق)، فالمرء لا يعلم ما قد يواجهه من (المفاجآت)، حتى عندما يكون في نزهة أو رحلة!.

قبل عام تقريباً التقيت بسعد بن عبدالعزيز الشبانات، أول مؤلف عن منطقة الصمان (بشكل شامل ومفصل)، في تحقيق صحفي شمل الحديث عن منطقة الصمان والرحلات البرية وأجهزت ال (GPS)، ونشر بجريدة الجزيرة الغراء يوم الخميس 19من ربيع الأول من العام 1426ه، وأشار الشبانات إلى منطقة الصمان وأنها تحتوي على مفازات واسعة وخطرة، ويزيد من خطورتها طبيعة أرض الصمان التي لا تحتوي على معالم واضحة مثل الوديان أو الجبال، فهي أشبه ما تكون بمجرات واسعة، ويبن بعض الأخطاء التي يقع فيها المتنزهون، حيث إن بعضهم بعد أن يترك الطريق (المزفلت) تكون عينه على مؤشر الجهاز من دون أن يعطي الطريق أو المعالم البرية (الطبيعية) أي مستوى من الانتباه حتى يصل إلى الموقع! فيكون هذا الجهاز أشبه بشخص يمسك بيدك وأنت لا تدري إلى أين اتجاهك، وهذا خطأ كبير لسببين، أولاً: لأن الجهاز قد يتعرض للعطل فيصعب إصلاحه، وبالتالي يصعب على المتنزه الرجوع إلى الطريق المزفلت أو النقطة التي يعرفها وانطلق منها.

ثانياً: أن هذا التصرف لا ينمي المعلومات عند المتنزه فيرسم المناطق في ذهنه ويكون لديه ثقافة ميدانية وخبرة، في الجهات التي يقصدها.

ومن أهم الأشياء التي يجب أن يفعلها المتنزهون - قبل كل شيء - أن يتركوا عند أهلهم وذويهم (خبراً) عن الجهة التي يقصدونها، بحيث لوحدث لهم أي طارئ يمنعهم من الرجوع، يستطيع ذووهم الاتصال بالجهات المسؤولة في الدفاع المدني، فيسهل البحث عنهم، فبلادنا واسعة ومن الصعب جدّاً تحديد موقعهم من غير علم مسبق.

يقول الشاعر ابن سبيل:

من يأخذ الدنيا خراصٍ وهقوات
يقطعه عن شيل الصميل البراد

من أكثر البلدان تغيراً للجوّ بلادنا، فقد يخرج الشخص صباحاً فيجد أن الجو بارد فيفاجأ بتغير الجو مع انتصاف النهار، فلا يأخذ معه ما يلزمه من الماء، فربما حبسه أمر منعه من الرجوع، فتجتمع عليه حرارة الجو بالإضافة إلى قلة الماء مما يعرضه للهلاك.

ومن أخطر وأفظع ما يواجه المتنزه في رحلته، عندما تختلط عليه الجهات فلا يعرف الشرق من الغرب وهي ما يطلق عليها في العامية (قلبة الراس)، وفي مثل هذه المواقف يرتبك الشخص ويفقد انتباهه، وأول شيء يجب عليه فعله هو أن يهدئ أعصابه ولا يستعجل فأي تصرف (خاطئ) ينفذ طاقته في شيء قد لا يستفيد منه، فيجب عليه أن يغطي رأسه وينام لفترة بسيطة 10 دقائق أو ربع ساعة، ويشرب الشاي أو القهوة لكي تهدأ أعصابه بعد ذلك يصعد إلى أقرب منطقة مرتفعة، ويبحث عن أي إبل أو غنم قد يجد معها راعياً، أو أي شخص يرشده إلى الطريق الصحيح، ولو كان في منطقة لا توجد فيها معالم واضحة مثل الصمان، يقوم بالبحث عن الخطوط الواضحة (القوية) ويمشي مع أحدها وإذا بدأ هذا الخط بالتفرع يقف ويرجع من نفس طريقه بالعكس حتى يصل إلى خط تتجمع عليه الخطوط بدليل أن هذا الخط رئيسي و يدل على مكان توجد فيه مدينة أو قرية، لأن الخط أشبه باليد التي تتفرع منها الأصابع واليد متصلة بالذراع، ويجب أن يحرص المتنزه على عدم الالتواء والدوران فإن كان ضائعاً يحاول أن يمشي في خط مستقيم حتى لا يخسر وقود سيارته ووقته، فلو استمر في خط مستقيم فلابد أن يلتقي بأحد الخطوط المزفلته.

إنه أمل أكثر من كونه رجاء بأن يكون هذا الموسم الربيعي (الجديد)، خالياً من الحوادث والكوارث، وأن يأخذ المتنزهون حذرهم فيه، حتى لا تتكرر (المآسي) التي اعتدنا على سماعها في كل عام.


(*) Alfaisal411@hotmail.com


نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved