Al Jazirah NewsPaper Friday  29/12/2006G Issue 12510مقـالاتالجمعة 09 ذو الحجة 1427 هـ  29 ديسمبر2006 م   العدد  12510
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

زمان الجزيرة

الأخيــرة

عائشة.. (ذكراكِ باقيةٌ وإن رحلتِ)
د. عبد الله بن صالح الشتيوي

الوفاة.. معنى الفراق في أشد تجلياته؛ إنه الحقيقة الدنيوية الأشد وقعاً، نحاول دائماً الهروب من التفكير فيه، نسعى أن نستبعده ممن نحب حتى في خيالاتنا، نؤمن به كحقيقة كونية وشرعية لا مفر منها {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، فنقيم في نفوسنا المآتم لنفوسنا، ثم نلتمس العزاء في {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..} فيشعرنا هذا الوعد الإلهي بالعزاء والطمأنينة بأن ثم حياة أخرى للمؤمنين.
إنها صبيحة السبت الثامن عشر من ذي القعدة لعام 1427هـ، وبعد معاناة وصراع شديد مع مرض وصفه الأطباء بأنه من أشرس الأمراض المستعصية (سرطان في الغدد الليمفاوية) والذي لم يترك شيئاً في جسدها إلا طاله. أخذ الله أمانته فقيدتنا الغالية عائشة بنت صالح بن عثمان الشتيوي عن عمر يناهز السادسة والثلاثين عاماً، مضت كلها كما يمضي عمر الصالحين الخيرين الذين امتلأت حياتهم بأعطر السير وأطيب الذكر.
ذهبت عائشة وقد خلفت وراءها ذرية صالحة: (ولدان وأربع بنات) وسيرة ذاتية معطرة بدروس خيرة في حسن التربية، وجمال الخلق وطيب النفس، وكمال السمت والصبر والاحتساب والمعاشرة الزوجية الحسنة.
نشأت عائشة فتاة صالحة، مسالمة في صغرها، هادئة عند الكبر، تعي مسؤولية الكلمة وتدرك أثرها، تلتزم الصمت وتصغى السمع وتجادل - إن جادلت - بالتي هي أحسن، لها منزلة خاصة بين الأهل والأقارب وعلاقات طيبة مع زميلات العمل، حيث عاشت معهن قرابة العشر سنوات في التربية والتعليم وصفتها خلالها بعض من عرفنها بأنها كانت بعض بهجة المكان وروحه الطيبة، قامت بواجبها الوظيفي خير قيام، معلمة مخلصة ثم غادرته لتتفرغ لواجبها الفطري الأول، ولتواصل دورها في بناء الأسرة الصالحة زوجة مخلصة وأمّاً حنوناً.
كانت عائشة رحمها الله تعي واجبها في العشرة الزوجية وبناء البيت المسلم، والقيام بما على الزوجة تجاه زوجها من حقوق في طيب المعشر ولطف المقابلة ورعاية حقوق حضوره ومغيبه.
كان يقول زوجها عنها: (إنه لم يسمع منها طيلة حياتها رداً جافياً أو كلمة نابية)، ولم تشتكي عليه يوماً من الأيام من مرض ولا وجع وقد تفاجأ عندما عرف من أحد المقربات لها قبل وفاتها بأيام بأنها كانت تشتكي من أعراض هذا المرض قبل سنتين صابرة ومحتسبة، حتى وهي على فراش الموت كانت تقول عندما يسألها أحد عن حالتها الصحية (تردد الحمد لله على كل حال أنا طيبة ما بي خلاف)، وقد وصفها زوجها بالمرأة الصابرة الوفية وكان من أشد من تأثر بمرضها ثم بوفاتها (رحمها الله) كان يردد كلمات طالما سمعناها ويدعو بها دبر كل صلاة (الله يشفيك يا أم عبدالعزيز).
لم تنس عائشة رحمها الله فضل الصيام والقيام وإغاثة الملهوف وغير ذلك مما عرفنا بعضه في حياتها، وأخفت عنا الكثير من أيادي الخير وبذل المعروف ولم نعلم به إلا بعد وفاتها، فقد كان من فضائلها كفالة الأيتام وإطعام المساكين وإجابة نداء الملهوفين والمحتاجين من المسلمين.
شعور متناقض ذلك الذي تتركه الفرحة بولادة حياة جديدة عندما تختلط بواقع المرض وشبح الفراق.. لقد تزامن شدة مرضها مع شدة فرحها بمولودها الذكر الثاني (إبراهيم) الذي رزقها الله إياها بعد شقيقاته الأربع، ولم تكتمل فرحتها بهذا الطفل الصغير حيث غادرت المنزل تاركةً أطفالها ورضيعها بعد الأربعين يوماً من الولادة وبدأت رحلة المرض متنقلة بين المستشفيات في الداخل والخارج طلباً للعلاج لكن الله سبحانه وتعالى قدر لها ما شاء وقبل دعوتها - إن شاء الله - التي طالما دعت بها وهي على فراش المرض (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها).
إن الأرواح الطيبة السليمة تنتقل خفيفة، وتغادر دنيانا الفانية إلى رحمات الله الواسعة، فقد أخذ الله أمانته وانتقلت روحها إلى باريها بيسر وسهولة حتى أن القريبين منها داخل غرفتها لم يحسوا بذلك. تقول شقيقتها التي شاركت في تغسيلها وتكفينها أنها لاحظت خفة جسدها وسهولته ولطفه أثناء التغسيل.
رحمكِ الله يا عائشة؛ فقد بكى على فراقك الكثير، وصلى عليك وتبع جثمانك الطاهر إلى مثواه الأخير جموع غفيرة، ورأى فيك من نحسبه من الصالحين والأتقياء أحسن الرؤى وأزكى البشائر..
أسأل الله أن يتقبلها شهيدة وأن يلهمنا وذوينا الصبر والسلوان وأن يجعل الجنة مثواها الأخير إنه سميع مجيب.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved